فتح القدير
فتح القدير
خپرندوی
دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٤ هـ
د خپرونکي ځای
بيروت
مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ
مِمَّا كَتَبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ قِيلَ: بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ وَأَخْرَجَ ابن جرير عن قتادة قال: كان في أَهْلُ التَّوْرَاةِ إِنَّمَا هُوَ الْقِصَاصُ أَوِ الْعَفْوُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَرْشٌ، وَكَانَ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ إِنَّمَا هُوَ الْعَفْوُ أُمِرُوا بِهِ، وَجَعَلَ اللَّهُ لِهَذِهِ الأمة القتل والعفو والدية إن شاؤوا، أَحَلَّهَا لَهُمْ وَلَمْ تَكُنْ لِأُمَّةٍ قَبْلَهُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَنْ أُصِيبَ بِقَتْلٍ أَوْ خَبَلٍ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يَقْتَصَّ، وَإِمَّا أَنْ يَعْفُوَ، وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَةَ فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، وَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ نَارُ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّهُ إِذَا قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ فَلَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ قَالَ: فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الدِّيَةُ. قَالَ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا أُعَافِي رَجُلًا قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ» وَأَخْرَجَ سَمُّوَيْهِ فِي فَوَائِدِهِ، عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: يَقْتُلُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةً، وَنَكَالًا، وَعِظَةً إِذَا ذَكَرَهُ الظَّالِمُ الْمُعْتَدِي كَفَّ عَنِ الْقَتْلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ قَالَ: لَعَلَّكَ تَتَّقِي أَنْ تَقْتُلَهُ فَتُقْتَلَ بِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قوله: يا أُولِي الْأَلْبابِ قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ لُبٌّ يَذْكُرُ الْقِصَاصَ فَيَحْجِزُهُ خَوْفُ الْقِصَاصِ عَنِ الْقَتْلِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ قَالَ: لِكَيْ تَتَّقُوا الدِّمَاءَ مَخَافَةَ الْقِصَاصِ.
[سورة البقرة (٢): الآيات ١٨٠ الى ١٨٢]
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨١) فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨٢)
قَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى: كُتِبَ قَرِيبًا، وَحُضُورُ الْمَوْتِ: حُضُورُ أَسْبَابِهِ، وَظُهُورُ عَلَامَاتِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
وَإِنَّ الْمَوْتَ طَوْعُ يَدِي إذا ما ... وصلت بنانها بالهندوان
وَقَالَ جَرِيرٌ:
أَنَا الْمَوْتُ الَّذِي حُدِّثْتَ عَنْهُ ... فليس لهارب منّي نجاء
وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَنَّثِ الْفِعْلُ الْمُسْنَدُ إِلَى الْوَصِيَّةِ، وَهُوَ كُتِبَ لِوُجُودِ الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا- وَقِيلَ: لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ، وَقَدْ رُوِيَ جَوَازُ إِسْنَادِ مَا لَا تَأْنِيثَ فِيهِ إِلَى الْمُؤَنَّثِ مَعَ عَدَمِ الْفَصْلِ. وَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ: قَامَ امْرَأَةٌ، وَهُوَ خِلَافُ مَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْعَرَبِيَّةِ، وَشَرَطَ سُبْحَانَهُ مَا كَتَبَهُ مِنَ الْوَصِيَّةِ بِأَنْ يَتْرُكَ الْمُوصِي خَيْرًا. وَاخْتُلِفَ فِي جَوَابِ هَذَا الشَّرْطِ مَا هُوَ؟ فَرُوِيَ عَنِ الْأَخْفَشِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّقْدِيرَ: إِنْ تَرَكَ خَيْرًا فَالْوَصِيَّةُ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْفَاءُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
1 / 204