قال العماد ابن كثير ﵀: " يقول تعالى لنبيه ورسوله محمد صلي الله عليه وسلم: " قل " لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله، وحرموا ما رزقهم الله، " تعالوا " أي هلموا وأقبلوا " أتل " أقص عليكم ﴿ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ ١ حقا، لا تخرصا ولا ظنا، بل وحيا منه وأمرا من عنده ﴿ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ وكان في الكلام محذوفا دل عليه السياق تقديره: وصاكم ألا تشركوا به شيئا، ولهذا قال في آخر الآية ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ﴾ اهـ.
قلت: فيكون المعنى: حرم عليكم ما وصاكم بتركه من الإشراك به، وفي المغني لابن هشام في قوله تعالى: " ألا تشركوا به شيئا" سبعة أقوال: أحسنها: هذا الذي ذكره ابن كثير، ويليه: بين لكم ذلك لئلا تشركوا، فحذفت الجملة من أحدهما، وهي " وصاكم " وحرف الجر وما قبله من الأخرى. ولهذا إذا سئلوا عما يقول لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم قالوا: يقول: " اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم "٢ كما قال أبو سفيان لهرقل٣ وهذا هو الذي فهمه أبو سفيان وغيره من قول رسول الله صلي الله عليه وسلم لهم!: " قولوا لا إله إلا الله تفلحوا " ٤.
وقوله تعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ قال القرطبي: الإحسان إلى الوالدين برهما وحفظهما وصيانتهما وامتثال أمرهما، وإزالة الرق عنهما، وترك السلطنة عليهما، و" إحسانا " نصب على المصدرية، وناصبه فعل من لفظه تقديره: وأحسنوا بالوالدين إحسانا.
وقوله: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾ ٥ الإملاق: الفقر،
_________
١ سورة الأنعام آية: ١٥١.
٢ البخاري: بدء الوحي (٧) .
٣ رواه البخاري - في بدء الوحي، في حديث أبي سفيان الطويل.
٤ صحيح: - أخرجه ابن خزيمة (١/٨٢)، والبيهقي (١/٧٦)، والدارقطني (٣/٤٤، ٤٥)، والحاكم (٢/٦١١، ٦١٢) وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. وقال شمس الحق آبادي في التعليق المعنى (٣/٤٤): "رواته كلهم ثقات". وفي الباب: عن مدرك، رواه الطبراني ورجاله ثقات مجمع الزوائد (٦/٢١) وعن شيخ من بني مالك بن كنانة. رواه أحمد (٤/٦٣)، (٥/٣٧١، ٣٧٦) وقال الهيثمي (٦/٢٢): "رجاله رجال الصحيح".
٥ سورة الأنعام آية: ١٥١.
1 / 21