أحمد من حديث أبي هريرة ﵁ عن النبي صلي الله عليه وسلم: " رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف رجل أدرك والديه، أحدهما أو كلاهما، لم يدخل الجنة " ١. قال العماد ابن كثير: صحيح من هذا الوجه عن أبي بكرة ﵁ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر; قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين. وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت " ٢ رواه البخاري ومسلم. وعن عبد الله بن عمرو ﵄ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
" رضى الرب في رضى الوالدين، وسخطه في سخط الوالدين " ٣ رواه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم. عن أسيد الساعدي ﵁ قال: " بينا نحن جلوس عند النبي صلي الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ فقال: نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما " ٥ رواه أبو داود وابن ماجه. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا.
وقوله: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ ٦؟قال العماد ابن كثير ﵀
_________
١ مسلم: البر والصلة والآداب (٢٥٥١)، وأحمد (٢/٣٤٦) .
٢ البخاري: الأدب (٥٩٧٦)، ومسلم: الإيمان (٨٧)، والترمذي: البر والصلة (١٩٠١) وتفسير القرآن (٣٠١٩)، وأحمد (٥/٣٦،٥/٣٨) .
٣ البخاري: كتاب الأدب (٥٩٧٦): باب عقوق الوالدين من الكبائر. ومسلم: كتاب الإيمان (٨٧) (١٤٣): باب بيان الكبائر وأكبرها. الترمذي كتاب البر والصلة (١٨٩٩): باب الفضل في رضا الوالدين وابن حبان (٢٠٢٦ - موارد) . والحاكم (٤/١٥١، ١٥٢) وصححه على شرط مسلم وأقره الذهبي قال الألباني في الصحيحة (٢/٣٠): "وهو كما قالا". وقال الأرناؤوط في تخريج شرح السنة (١٢/١٣): "وسنده صحيح" والحق أن الحديث إسناده ضعيف. فإن في إسناده عطاء العامري وهو مجهول الحال ما روى عنه غير ابنه يعلى كما قال أبو الحسن القطان كما في التهذيب (٧/٢٢٠) . وقال الذهبي في الميزان (٣/٧٨): "لا يعرف إلا بابنه". وفي التقريب (٢/٢٣): "مقبول". ولم يرو له مسلم بل روى له البخاري في الأدب وأبو داود والترمذي والنسائي.
٤ سورة النساء آية: ٣٦.
٥ أبو داود: الأدب (٥١٤٢)، وابن ماجه: الأدب (٣٦٦٤) .
٦ قال في قرة العيون: وهذه الآية تبين العبادة التي خلقوا لها أيضا. فإنه تعالى قرن الأمر بالعبادة التي فرضها بالنهي عن الشرك الذي حرمه، وهو الشرك في العبادة فدلت هذه الآية على أن اجتناب الشرك شرط في صحة العبادة فلا تصح بدونه أصلا كما قال تعالى: ٨٨: ٦ (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون)، وقال تعالى: ٣٩: ٦٥، ٦٦ (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) فتقديم المعمول يفيد الحصر أي بل الله فاعبده وحده لا غيره، كما في فاتحة الكتاب: (إياك نعبد وإياك نستعين)، وقرر تعالى هذا التوحيد بقوله: ١١: ٣٩ (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين)، والدين هو العبادة بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، كما قال العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى-: والأمر والنهي الذي هو دينه وجزاؤه يوم المعاد الثاني وتقدم أن أصله وأساسه توحيد العبادة فلا تغفل عما تقدم.
1 / 19