45
فناجزهم في مواطن كثيرة قبل أن يظفر العرب ويهزموا جيشه ويأخذوه أسيرا. ومنذ تم لهم ذلك فتحوا المدينة وغنموا أموالها وقسموها، ثم ساروا إلى «الفرما». ومهما يكن من أمر تلك القصة ومبلغها من الصدق أو الخطأ فإنها تحوي أمرين لهما قسط وافر من الثبوت، وهما أن «تنيس» دخلت في سلطان المسلمين في ذلك الوقت، وأن صناعتها لم يلحق بها أذى من الفتح نفسه. ولم يجد المسلمون ما يحبب إليهم المقام في هذه المدينة، ولا في أشباهها من الجزائر التي كانت في وسط هذه البحيرة تساورها المياه الزرقاء، مثل «طونة» و«بورا» و«دبيق»؛ وعلى ذلك نستطيع أن نقول إن هذه الجهات ظلت على دينها النصراني زمنا طويلا بعد ذلك لا يكاد يمسها دين الإسلام،
46
ثم قضي عليها وزالت أخبارها من التاريخ، وكان ذلك في وقت نستطيع أن نعينه.
كانت جزيرة «تنيس» مكشوفة للغزو من البحر، على أنها كانت محصنة فيها رباط قوي، وأمر صلاح الدين بإخلائها في سنة 1192، ثم جاء الملك الكامل في سنة 1227 فهدم حصونها وأسوارها حتى تركها أطلالا.
47
وتتصل بفتح هذه الجهات قصة أخرى يجدر بنا أن نشير إليها؛ فإن المقريزي عند ذكره مدينة شطا يصفها بأنها مدينة بين «تنيس» و«دمياط»، ويقول إن اسمها مأخوذ عن رجل اسمه شطا بن الهموك عم المقوقس.
48
وهذا الاشتقاق لا حقيقة له. وتذكر القصة بعد ذلك أن العرب عندما حاصروا دمياط وفتحوها خرج إليهم حاكمها «شطا» ومعه ألفان من الناس، فأظهر إسلامه، وقد كان من قبل عاكفا على درسه والنظر فيه زمنا طويلا، ثم إن ذلك الرجل لما رأى أن العرب أبطأ عليهم فتح «تنيس» جمع جيشا من البرلس ودميرة وأشمون طناح، وجهزه ولحق بإمداد المسلمين الذي بعث بهم عمرو، ثم سار حتى التقى بالعدو، وأظهر من الشجاعة وحسن البلاء ما يظهره الأبطال، وقتل بيده اثني عشر رجلا من فرسان أهل «تنيس» وشجعانهم، وما زال يقاتل حتى قتل في ذلك اليوم، ودفن في ظاهر المدينة. ويقول المقريزي إن قبره لا يزال معروفا يزوره الناس من كل أنحاء البلاد المجاورة ليتبركوا به في يوم مقتله، وهو يوم النصف من شهر شعبان.
49
ناپیژندل شوی مخ