23
الفصل الثاني والعشرون
فتح بلاد الساحل
لما انتهى أمر الصلح أوفد عمرو بن العاص معاوية بن حديج الكندي، وأمره أن يحمل أنباء ما حدث إلى عمر بن الخطاب،
1
فطلب معاوية منه أن يكتب معه كتابا، فقال له عمرو: «ماذا عساني أفعل بالكتاب؟ ألست امرأ عربيا تقدر على وصف أمر شهدته؟» فسار معاوية في رحلته الطويلة في الصحراء حتى بلغ المدينة، ووافق مقدمه وقت الظهر، فأناخ راحلته عند باب المسجد ودخل. وفيما هو هناك خرجت جارية من بيت عمر، فلما رأت رجلا غريبا عليه وعث السفر سألته عن اسمه فقاله لها، ثم قال إنه جاء يحمل رسالة من عمرو بن العاص، فعادت الجارية إلى الدار، فما لبثت أن جاءت إليه مسرعة حتى سمع معاوية خفق نقابها على أقدامها إذ تجري إليه، ثم أمرته أن يتبعها إلى البيت. فلما جاءه سأله عمر عن الأنباء، فقال له: «خير يا أمير المؤمنين، فتح الله علينا الإسكندرية.» فقام معه عمر حتى عاد إلى المسجد وأذن المؤذن للصلاة، فأقام عمر صلاة الشكر لله على ما أولى، ولما عاد مع معاوية إلى داره صلى مرة أخرى ثم طلب الطعام، فقدم له خبز وزيت يؤتدم به، فوضع ذلك أمام الضيف، فأصاب منه شيئا خفيفا على استحياء، ثم أتى بتمر فوضع له، وكان هذا أكبر ما عند الخليفة من لذائذ الطعام وأطايبه، ثم اعتذر معاوية بأنه لم يبادر إلى حمل نبأ الفتح لأنه ظن عمر نائما وقت القيلولة، فقال له عمر: بئس ما قلت، وبئس ما ظننت!
2
لئن نمت النهار لأضيعن الرعية، ولئن نمت الليل لأضيعن نفسي، فكيف بالنوم مع هذين؟
وهكذا أرسل نبأ الفتح إلى المدينة، وهكذا تلقاه الخليفة فيها بغير زينة ولا ضجة، وما كان أعظم الفرق بين هذا وبين ما حدث في الإسكندرية عندما أتاها ذلك النبأ.
أمضي عهد الصلح في «بابليون» في يوم الخميس الثامن من شهر نوفمبر من سنة 641،
ناپیژندل شوی مخ