18
وإليك نصها كما جاءت فيه: «هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبهم وبرهم وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك ولا ينتقص، ولا تساكنهم النوبة، وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصلح وانتهت زيادة نهرهم، خمسين ألف ألف.
19
وعليهم ما جنى لصوتهم (لصوصهم)؛ فإن أبى أحد منهم أن يجيب رفع عنهم من الجزية بقدرهم وذمتنا ممن أبى بريئة، وإن نقص نهرهم من غايته إذا انتهى رفع عنهم بقدر ذلك. ومن دخل في صلحهم من الروم والنوبة فله مثل ما لهم وعليه مثل ما عليهم، ومن أبى منهم واختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه أو يخرج من سلطاننا. عليهم ما عليهم أثلاثا في كل ثلث جباية ثلث ما عليهم.
20
على ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخليفة أمير المؤمنين وذمم المؤمنين. وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأسا وكذا وكذا فرسا على ألا يغزوا ولا يمنعوا من تجارة صادرة ولا واردة.» وشهد عليه الزبير وعبد الله ومحمد ابناه، وكتب وردان وحضر.
21
وهذا النص للصلح ليس فيه خلاف عما جاء في كتاب «حنا النقيوسي»، وإن كان كلا النصين لا يشمل كل ما جاء في النص الآخر؛ فالحق أن كلا من النصين يكمل الآخر. وقد جاء في كتاب ياقوت عن ابن عبد الحكم أن مصر فتحت كلها صلحا، وفرضت الجزية دينارين على كل رجل من أهل مصر على ألا تزاد، ثم جعلت على أصحاب الأرض ضريبة يؤدونها خراجا من ثمار أرضهم، وفرضت على أهل الإسكندرية جزية وضريبة على عقارهم. وأما مقدار تلك الجزية وتلك الضريبة فقد جعل أمره في يد الحاكم؛ لأن مدينتهم فتحت عنوة بلا عقد ولا عهد. ولا شك أن في هذا القول خلطا بين الفتح الثاني للمدينة الذي كان عنوة والفتح الأول الذي كان صلحا، وخير ما قيل في هذا الشأن ما جاء في كتاب المقريزي؛ فإنه أثبت الآراء المختلفة وأوضحها إيضاحا عظيما، وأسند كل رأي إلى صاحبه،
22
وأقوى الأدلة في كل ذلك هي ما دلت على أن الفتح كان صلحا. وإن خير ما نلخص به الأمر كله أن نورد ما قاله شيخ من القدماء؛ إذ سمع رجلا يقول إنه لم يكن لأهل مصر عهد، فأجاب: «ما يبالي ألا يصلي من قال إنه ليس لهم عهد.»
ناپیژندل شوی مخ