143

عربو ته مصر د فتح

فتح العرب لمصر

ژانرونه

2

إذا ذكرنا ذلك أمكن أن نقول إن عدد القبط في الإسكندرية زاد في ذلك الوقت زيادة كبرى، وإنهم استطاعوا أن يتنسموا شيئا من نسيم الحرية، وأن يعود إلى نفوسهم شيء من القوة منذ غاب المقوقس عنهم في منفاه، وارتفع عنهم عسفه واضطهاده. فلعلهم عند ذلك شعروا من أنفسهم بالقوة فرموا سهمهم مع الرامين، يناصرون من أحبوا ويحاربون من كرهوا، ويلقون بدلوهم في دلاء الإسكندرية التي كانت تضطرم من عداوة الأحزاب ونضالها. وإن تعجب فعجب أن يقرأ الإنسان نبأ نزول المقوقس بالإسكندرية في ذلك الصباح من شهر سبتمبر، وأن أهل المدينة طرأ ملكهم الفرح، فخرجوا «يظهرون سرورهم ويشكرون الله على عودة بطريق الإسكندرية».

3

وتوافد الناس من كل جانب يحيونه ويكرمونه من رجال ونساء كبارا وصغارا، فما كنت تسمع كلمة مخالف ولا همسة خوف، ولكن ما كان للقبط أن يدخل إلى قلبهم فرح بمقدم «المقوقس»، بل ما كان لهم أن يبقى أمل في قلوبهم من وراء عودته. ولا يسعنا على هذا إلا أن نذهب إلى نتيجة من هذا القول، وذلك أن القبط ما كانوا في الإسكندرية مهما بلغ عددهم إلا فئة قليلة ضائعة بين أهلها الكثيرين لا يحس أحد بها.

أما قيرس فإنه عمد قبل أن تصحو المدينة ويذيع بين أهلها نبأ مقدمه، فذهب سرا مع «تيودور» إلى دير رهبان «التبنيسي»، ولعله كان قريبا من الموضع الذي نزل فيه من البحر،

4

وأمر بإقفال باب الدير، وأنفذ إلى «ميناس» يدعوه للحضور إلى الدير، فلما جاء جعله «تيودور» قائد مسلحة المدينة، وعزل «دومنتيانوس» عن تلك القيادة، فأسرع أهل المدينة إلى إخراجه منها. وكانت عودة قيرس في مثل اليوم الذي أقيم فيه الاحتفال بإعلاء الصليب، وقصد بذلك أن يعيد إلى نفوس جند الروم ما ضاع من قوتها، وبذل الجهد في الانتفاع بتلك الذكرى ما وجد إلى ذلك سبيلا. ولنذكر عندما بعث حنا قائد الشرطة إلى مصر وقد وجهه إليها هرقل يحمل المذهب الديني الشهير إلى «قيرس»، حمل معه إلى البطريق صليبا من أجل الصلبان شأنا، لعله كانت فيه قطعة من الصليب الأعظم نفسه،

5

وقد أودع هذا الأثر الثمين في دير رهبان «تبنيسي». فلا عجب إذا حمله «قيرس» في موكبه إلى الكنيسة العظمى كنيسة «القيصريون» التي أقيمت فيها صلاة التحية. وقد فرشت النمارق في طريق ذلك الموكب من الدير إلى الكنيسة، وكانت الرايات والألوية من الحرير تخفق فوق رأس «قيرس» إذ يسير بين عبق البخور وترتيل الأناشيد، وازدحمت طرق المدينة العظمى بالناس على سعتها حتى ركب بعضهم بعضا، ولقي الحبر الأعظم مشقة كبرى في السير في ذلك الزحام إلى الكنيسة، ولكن الموكب سار على أي حال سيرا وئيدا حتى بلغ «المسلتين» المصريتين القديمتين فمر بينهما، ثم سار في فناء ذي أروقة إلى أن بلغ باب كنيسة قيصريون فولجه داخلا.

ولما أن صار في الكنيسة أقام الصلاة، وجعل عيد الصليب

ناپیژندل شوی مخ