139

عربو ته مصر د فتح

فتح العرب لمصر

ژانرونه

2

641 بعد أن حكم إحدى وثلاثين سنة، وكان عمره إذ ذاك ستة وستين عاما، وكانت وفاته قبل فتح حصن بابليون بشهرين.

وهكذا ختمت تقلبات عجيبة الحوادث في حياة عظيمة، وكان هرقل يقصد في حياته قصدا، وذلك أن يعيد بناء ما تهدم من الدولة الشرقية، وكان لا أمل في نجاحه عندما ابتدأ ذلك العمل، غير أنه أتمه أو خيل إلى الناس أنه أتمه، وكان إتمامه إحدى العجائب التي قد تبلغ حد الإعجاز، ولكن فشله ابتدأ حيث كان انتصاره؛ فإن البناء الذي أقامه لم يكن متماسك الأجزاء، وكانت جريرته فيه أنه أخطأ وضل، فحل ما كان يجدر به عقده، وقطع ما كان يجب عليه أن يصله من أواصر التعامل والاشتراك بين الناس في حياتهم ومن روابط الدين. وكانت تلك لعمري روابط كفيلة بأن تجمع الناس وتوحد كلمتهم، لو أحسن الحاكم وتسامح في حكمه وأباح للناس ما يشاءون من أمور دينهم. وإن من أعجب ما اتفق وقوعه في التاريخ أن يقع خطأ هرقل في سياسته في الوقت الذي قامت فيه دعوة الإسلام الجديد في مجاهل بلاد العرب، ولكن هكذا جرت مشيئة الله في قدره وقضائه في العالم، وعاش هرقل حتى تبدى له خطؤه الذي قارفه، أو لقد استطالت به الأيام كي يندب سوء حظه الذي أفسد عليه أعماله وأحاط بثمارها. وقد كان في أمور الدين يسير على ما تعارف عليه الناس في زمنه، وكان في ذلك سوء حظه؛ إذ لم يرتفع فوق ذلك، ولم يبتدع في سياسة الدين خطة جديدة تصلح لعصره وما جد فيه من الأحوال. وإنه لجدير بنا ألا نلومه، بل نرحمه ونعطف عليه لما لحق به من الفشل، وحسبه ما لا بد قد لاقاه من غصة الندم فوق ما كان به من ألم الداء في آخر أيامه. وقد عهد قبل أن يموت بما يئول إليه الأمر بعده، فجعل ابنه قسطنطين يقسم الأيمان على أن يعفو عمن كانوا في السجن والنفي، وأن يرجع كل طريد طرده.

3

ودفن الإمبراطور في كنيسة «الرسل المقدسين»، وبقي قبره مفتوحا ثلاثة أيام، وقد جعل مع جثمانه تاجه الذهبي، فنزعه قسطنطين عنه، ثم أعاده إليه هرقل الثاني ووهبه للكنيسة.

4

ولي الأمر بعد هرقل بعهد منه ولداه: قسطنطين ولد زوجه «أودوقية»، وهرقل ابن زوجه الأخرى مرتينه. وجعلت الإمبراطورة شريكة لهما، ولكن ذلك الاشتراك لم يكن مما يتيسر الحكم معه، وما كانت الإمبراطورة مرتينه لترضى بمثل هذا الاشتراك في الحكم وهي من هي؛ ذات العزم القاطع التي حكمت الدولة لا يكاد يشاركها أحد في أواخر أيام زوجها. وكان قسطنطين أكبر الأخوين وآثرهما عند الناس، وكان من حزبه خازن الدولة «فلاجريوس» و«فلنتين» الذي جعل عند ذلك قائدا، وبعث ليكون قائد الجند في آسيا الصغرى؛

5

وعلى ذلك لم توفق مرتينه في سعيها في أمر ولدها هرقل، أو «هرقلوناس» كما كانوا يسمونه تمييزا له، بل وجدت في سعيها ذاك مقاومة شديدة. وكان البطريق سرجيوس قد سبق الإمبراطور إلى أجله، واختير لولاية أمر الدين بعده راهب اسمه «بيروس». ويلوح لنا أنه كان في أول أمره مع قسطنطين ممالئا على مرتينه، فبايع لقسطنطين بالملك ولم يشرك معه مرتينه ولا أحدا من أولادها.

6

ناپیژندل شوی مخ