138

عربو ته مصر د فتح

فتح العرب لمصر

ژانرونه

ولم يفلح عمرو في تحقيق ما كان يريده من النزول على تلك المدينة بغتة وأخذها على غرة، ورأى العرب أنفسهم مرة أخرى وقد عجزوا عن أخذ مدينة تحيط بها الأسوار وتكتنفها المياه، فساروا نحو الجنوب. ولعلهم اتبعوا «بحر النظام» حتى بلغوا «طوخ»، وهي على نحو ستة أميال في الشمال الغربي من موضع «طنطا»، ومن «طوخ» ساروا إلى «دمسيس»،

35

وقد ارتدوا كذلك عن هاتين القريتين ولم يستطيعوا فتحهما، ولم يجد أهلهما مشقة في صد العرب. ويرد مع هذه الأخبار ذكر غزوة للقرى التي على فرع النيل الشرقي، قيل إن العرب قد بلغوا فيها مدينة دمياط. ولعل تلك الغزوة كانت على يدي سرية عمرو في هذا الوقت نفسه، ولم يكن من أمرها غير إحراق المزارع وقد أوشكت أن ينضج ثمرها، فلم تفتح شيئا من المدائن في مصر السفلى. ولنذكر أن العرب قضوا في عملهم في هذا الإقليم اثني عشر شهرا

36

إلى ذلك الوقت. وبعد تلك الغزاة التي أوقع فيها عمرو بالبلاد وغنم منها، عاد إلى حصن «بابليون» ومن معه دون أن يجني كبير فائدة. وإن لنا لدلالة في غزاته تلك في مصر السفلى، وما لاقاه فيها من القتال في مواضع كثيرة، وعجزه في جل ما حاوله من الفتح في بلاد الشمال القصوى؛ فإن ذلك يزيدنا برهانا على ما تحت أيدينا من البراهين على فساد رأيين يذهب إليهما الناس: أولهما أن مصر أذعنت للعرب بغير أن تقاتل أو تدافع، وثانيهما أن المصريين رحبوا بالفاتحين، ورأوا فيهم الخلاص والنجاة مما هم فيه.

الفصل العشرون

حوادث القسطنطينية

فيما كانت هذه الحوادث التي نصفها تجري في مصر كانت القسطنطينية تشهد من الغير أجلها. ولقد أشرنا من قبل إشارة موجزة إلى موت هرقل، وقلنا إنه حدث في آخر أيام حصار بابليون، وقد كان منذ وداعه المحزن لبلاد الشام في سنة 636 يقيم في عزلة في مدينة «خلقيدونية»، وجعل يسترجع قوة عقله شيئا فشيئا بعد أن كان قد مسه شيء من الخبل من قبل، حتى لقد استطاع أن يعالج أمور دولته في أوروبا ويحل مشكلاتها، مبديا في ذلك شيئا مما عهد فيه من الكياسة وأصالة الرأي في أمور السياسة، ولكن جسمه كان قد اعتل، وزاد في سقمه وآلام دائه ما كان ينتاب الدولة من المصائب والنكبات تلي إحداها الأخرى؛ فمصائب في الشام تليها نكبات في مصر، ورأى الدولة وقد فقدت بيت المقدس ثم أنطاكية وقيصرية، ثم نزعت كل بلاد الشام عنها وأخذها العدو؛ فأحب أن يخلص مصر من ذلك العدو لما يعرفه من عظم شأنها في دولته. وكانت الحرب الطاحنة التي استمرت طوال السنين قد استنزفت أموال الدولة ورجالها، ولكنه كان لا يزال يستطيع أن يبعث من جيوشه وخزائنه المنتقصة أمدادا كبيرة للدفاع عن النيل. ويقول مؤرخو العرب إنه كان عازما على قيادة تلك الجيوش بنفسه،

1

غير أنهم إذ يقولون ذلك لا يذكرون أن غزو مصر لم يقع إلا قبل موته بسنة تزيد قليلا، وأنه كان عند ذلك صريعا لدائه الذي قضى عليه، وقد سلبه السقام قوته ونشاطه، إذا لم تقل إنه قد سلبه القدرة على الحركة ذاتها، ثم مات الإمبراطور في يوم الأحد الحادي عشر من فبراير من سنة

ناپیژندل شوی مخ