آباءهم وسفه عقولهم وسخر من أوثانهم واحتج عليهم بأن القرآن من عند الله ﷿ فما كان أحوجهم وأشد حرصهم على أن يأتوا بمثله أو بعضه ليبطلوا أنه من عند الله.
وأما انتفاء ما يمنعهم من المعارضة فلأن القرآن بلسان عربي وألفاظه من أحرف العرب الهجائية وعبارته على أسلوب العرب وهم أهل البيان والفصاحة وفيهم ملوك الفصاحة وقادة البلاغة وميدان سباقهم مملوء بالشعر والخطباء وهذا من الناحية اللفظية.
أما المعنوية فقد نطقت أشعارهم وخطبهم وحكمهم ومناظراتهم بأنهم ناضجو العقول ذوو بصيرة بالأمور وخبرة بالتجارب وقد دعاهم القرآن بالاستعانة بما شاءوا كما بينا آنفًا.
وأما من الناحية الزمنية فالقرآن لم ينزل جملة واحدة حتى لا يحتجوا بأن زمنهم لا يتسع للمعارضة بل نزل منجما في ثلاث وعشرين سنة تقريبًا وبذلك ثبت إعجازه على أبلغ وجه وإذا ثبت عجز العرب فغيرهم بالعجز أولى وأحرى وبهذا ثبتت حجيته فوجب العمل به.
السنة
ماهيتها:
في اللغة (١) السيرة والطريقة حسنة كانت أو قبيحة. أنشد خالد بن زهير فقال:
فلا تَجْزَعَنْ عَنْ سيرةٍ أنت سرْتَها ... فأولُ راضٍ سنةً من يسيرُها
وسننتها سنا واستننتها سرتها، وسننت لكم سنة فاتبعوها وقال ابن فارس في معجمه (٢) السين والنون أصل واحد مطَّرد وهو جريان الشيء واطراده في سهول.
_________
(١) الصحاح ٥/ ١٣٩ م لسان العرب ٣/ ٢١٢٤ ترتيب القاموس ٢/ ٦٥٦ المصباح المنير ١/ ٣٩٦ - ٣٩٧.
(٢) معجم مقياس اللغة ٧/ ٦٠ لسان العرب ٣/ ٢١٢٣.
1 / 7