ولا يخفى أن تحريم الحمر الأهلية المذكورة في الحديث ليس في القرآن فهو خاص بما نحن فيه ولا يخفى أن الظاهر من قوله ﷺ "ومثله معه" ما كان مستقلًا عنه وإن سلمنا شموله لغيره أيضًا فلا ضير علينا حيث إنه أثبت أن الجميع من عند الله والحديث الأول يفيدنا أن كل ما لا يوجد في كتاب الله مما أمر به الرسول ﷺ أو نهى عنه فتركه مذموم منهي عنه وذلك يستلزم الحجية والمتبادر من عدم الوجود أن لا يكون مذكورًا في الكتاب لا إجمالًا ولا تفصيلًا.
ولقد بوب الخطيب البغدادي في كفايته (١) بابًا فقال باب ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله تعالى وحكم سنة رسول الله ﷺ في وجوب العمل ولزوم التكليف وذكر الحديثين وقال الشافعي (٢) ﵀ وما سن رسول الله ﷺ فيما ليس لله فيه نص حكم فبحكم الله سنه وكذلك أخبرنا الله في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ﴾ وقد سن رسول الله مع كتاب الله وسن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب وكل ما من فقد ألزمنا الله باتباعه وجعل في اتباعه طاعته وفي العنود عن اتباعها معصيته التي لم يعذر بها خلقًا ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله ﷺ مخرجًا. وبهذا يتضح لنا حجية السنة بأقسامها الثلاثة فطاحت شبهة المعاندين قلت ويوجد للفقه الإِسلامي بجانب هذين المصدرين مصادر أخرى منها ما هو متفق عليه كالإِجماع (٣) والقياس (٤) ومنها ما هو مختلف فيه بين أهل العلم ولكن يرجح جانبه كالأصل (٥) والاستصحاب (٦)
_________
(١) الكفاية في علم الرواية ص ٨.
(٢) الرسالة ٨٨ - ٨٩.
(٣) سيأتي الكلام عليه في تحقيقنا على الكتاب.
(٤) سيأتي الكلام عليه في تحقيقنا على الكتاب.
(٥) المراد به القاعدة المستمرة.
(٦) هو الحكم بثبوت أمر في الزمن الثاني لثبوته في الزمن الأول لعدم ما يصلح للتغيير.
1 / 19