فتح العلی المالک

Muhammad Ali al-Ish d. 1299 AH
35

فتح العلی المالک

فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك

خپرندوی

دار المعرفة

د ایډیشن شمېره

بدون طبعة وبدون تاريخ

ژانرونه

فتاوی
أَمْرٌ مَوْجُودًا لَمَنَعَتْ الرُّؤْيَةَ وَقَدْ أَشَارَتْ أَيْضًا الْآثَارُ النَّبَوِيَّةُ وَالْحَقَائِقُ الصُّوفِيَّةُ إلَى أَنَّ الْأَعْدَامَ ظُلْمَةٌ وَعَمَاءٌ بَحْتٌ وَأَنَّ النُّورَ هُوَ الْمَوْجُودُ إذَا حَقَّقْتَ مَا ذَكَرْنَا فَقَوْلُ السَّائِلِ فِي الظِّلِّ هَلْ هُوَ عَدَمُ الشَّمْسِ قُصُورٌ بَلْ الظِّلُّ عَدَمُ الْأَضْوَاءِ كَانَتْ مِنْ الشَّمْسِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْكَوَاكِبِ وَالْمَصَابِيحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ ذِي شُعَاعٍ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَقُولُهُ إنَّ الظِّلَّ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ مَعْنَاهُ عَدَمُ النُّورِ لِمَنْعِ الْجِسْمِ مِنْ نُفُوذِ الْأَضْوَاءِ الشُّعَاعِيَّةِ كَمَا عَلِمْتَ وَمَا يُشَاهَدُ مِنْ التَّشْكِيلِ فِيهِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قَائِمٌ بِالْهَوَاءِ الْمَمْنُوعِ عَنْهُ الضَّوْءُ لِتَبَعِيَّةِ الْجِسْمِ صَاحِبَ الظِّلِّ وَكَذَا مَا يُشَاهَدُ مِنْ التَّحَرُّكِ بِالتَّبَعِيَّةِ لِلْجِسْمِ صَاحِبِ الظِّلِّ إذَا تُحَرَّكَ نَفَذَ الضَّوْءُ لِلْمَكَانِ الَّذِي كَانَ مَمْنُوعًا عَنْهُ أَوَّلًا وَانْعَدَمَ عَنْ الثَّانِي الْمُقَابِلِ لِلْجِسْمِ الْمُتَحَرِّكِ فَيُتَخَيَّلُ أَنَّ الظِّلَّ أَمْرٌ مَوْجُودٌ وَتَحَرَّكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا التَّحَرُّكُ وَالسُّكُونُ الَّذِي فِي الْآيَةِ بِالتَّبَعِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ وَلَا نَقُولُ بِالثَّانِي الَّذِي بَنَى عَلَيْهِ السَّائِلُ إلْزَامَاتِهِ وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّا نَقُولُ بِهِ وَهُوَ أَنَّ الظِّلَّ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ فَهُوَ قَائِمٌ بِكُرَةِ الْهَوَاءِ كَالرَّوَائِحِ وَالْأَصْوَاتِ فَتَحَرُّكُهُ بِتَحَرُّكِ تَعَلُّقِهِ بِالْهَوَاءِ الْمُتَكَيِّفِ بِهِ كَمَا قَالُوا فِي وُصُولِ الصَّوْتِ لِمَقْعَرِ الْأُذُنِ فَهُوَ قَائِمٌ بِالْهَوَاءِ الْمُمَاسِّ لِسَطْحِ الْأَرْضِ لَا بِالْأَرْضِ وَلَا بِالْجِسْمِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ هَذَا السَّائِلُ وَاَللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. (مَا قَوْلُكُمْ دَامَ فَضْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ مَشْهُورٍ بِالدِّينِ وَالصَّلَاحِ أَخَذَ الْعَهْدَ أَوَّلًا عَلَى وَحِيدِ دَهْرِهِ وَفَرِيدِ عَصِيرِهِ الْعَارِفِ بِرَبِّهِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ فَتْحَ اللَّهِ فَلَمَّا تُوُفِّيَ إلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَخَذَ عَلَى الشَّيْخِ الْجُنَيْدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ بَعْدَ أَنْ تُوُفِّيَ هَذَا الْأَخِيرُ بِنَحْوِ عَامٍ رَآهُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ مَنَامًا فِي كُلِّ رُؤْيَةٍ يَقُولَانِ لَهُ لَا بُدَّ مِنْ إعْطَائِكَ الْعَهْدَ لِمَنْ سَأَلَكَ إيَّاهُ وَرَأَى بَعْضُ الصَّالِحِينَ مَا يُوَافِقُ رُؤْيَاهُ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْعَهْدَ لِمَنْ سَأَلَهُ إيَّاهُ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ فِي الْمَنَامِ وَلَا الْتِفَاتَ إلَى اللَّائِمِينَ مِنْ الْعَوَامّ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟ فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ كُنْتُ أَيُّهَا السَّائِلُ أَنْتَ الَّذِي تُرِيدُ ذَلِكَ فَأَنْتَ طَبِيبُ نَفْسِكَ وَأَدْرَى بِأَحْوَالِهَا فَإِنْ عَلِمْتَ مِنْهَا الْكَمَالَ وَالْوُصُولَ إلَى حَضْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاجْتِمَاعِ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ يَقِظَةً وَأَهْلٌ لَأَنْ تَكُونَ وَاسِطَةً بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ خَلْقِهِ فِي إيصَالِهِمْ إلَيْهِ وَجَمْعِهِمْ عَلَيْهِ فَافْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ فِي الْمَنَامِ

1 / 39