188

فتح العلی المالک

فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك

خپرندوی

دار المعرفة

د ایډیشن شمېره

بدون طبعة وبدون تاريخ

ژانرونه

فتاوی
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ التَّتَّائِيُّ عَنْ سَحْنُونَ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ لَمْ يَجُزْ إلَّا لِخَوْفِ الْقَتْلِ اهـ. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ، وَالْمَذْهَبُ تَعَلُّقُهُ بِهِ فَكَيْفَ بِمَا مَرَّ مِنْ خَوْفِ مُؤْلِمٍ إلَخْ، وَهُوَ قَوْلٌ لِسَحْنُونٍ أَيْضًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا مَا ذَكَرَهُ ثَبَتَ عَنْهُ، وَلَكِنْ رُبَّمَا يُسْتَبْعَدُ جَوَازُ تَنَاوُلِ الْخَمْرِ بِخَوْفِ ضَرْبٍ أَوْ صَفْعٍ لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَأٍ قَالَهُ عج اهـ. عَبْدُ الْبَاقِي. (مَا قَوْلُكُمْ) فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ﴾ [الأنعام: ١٤٦] الْآيَةَ، هَلْ هِيَ مَنْسُوخَةٌ، وَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِمْ فِي أَكْلِ ذِي الظُّفُرِ، وَمَا بَعْدَهُ فِي الْآيَةِ أَوْ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ مَا ذُكِرَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟ فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا﴾ [الأنعام: ١٤٦] الْآيَةَ لَيْسَ مِنْ شَرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ بَلْ قَاصِرٌ عَلَى الْيَهُودِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الْأَغْبِيَاءِ الْمُدَّعِينَ لِلْعِلْمِ إنَّمَا هِيَ حِكَايَةٌ عَنْ شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ مُوسَى ﵊ وَقَدْ نُسِخَتْ بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾ [الأنعام: ١٤٥] الْآيَةَ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾ [المائدة: ٥] فَالْيَهُودُ يُبَاحُ لَهُمْ فِي شَرْعِنَا ذُو الظُّفُرِ، وَمَا بَعْدَهُ فِي الْآيَةِ مِثْلُنَا سَوَاءٌ، وَلَكِنْ لَا تُعْمَلُ ذَكَاتُهُمْ فِيهِ لِاعْتِقَادِهِمْ حُرْمَتَهُ فَإِنْ ذَكَّوْهُ صَارَ مَيْتَةً مُحَرَّمًا عَلَيْنَا، وَعَلَيْهِمْ فَشَرْطُ إبَاحَتِهِ أَنْ يُذَكِّيَهُ مُسْلِمٌ وَقَدْ نَصَّ الشَّيْخُ الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْخَرَشِيِّ عَلَى أَنَّ ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا﴾ [الأنعام: ١٤٦] الْآيَةَ حِكَايَةٌ عَنْ شَرْعِهِمْ، وَكَذَا فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ، وَزَادَ التَّنْبِيهَ عَلَى نَسْخِهِ بِشَرْعِنَا، وَنَصُّهُ قَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ تَحْرِيمُهُ بِشَرْعِنَا؛ لِأَنَّ أَخْبَارَ شَرَعْنَا لَهُ قُوَّةٌ، وَإِنْ نُسِخَ بِشَرْعِنَا اهـ. وَقَالَ النَّسَفِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ قِيلَ: فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا﴾ [الأنعام: ١٤٦] هُوَ سَمِينُ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هُوَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَكَذَا اُخْتُلِفَ فِي ذِي الظُّفُرِ، وَفِي قَوْلِهِ ﴿أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ﴾ [الأنعام: ١٤٦]، وَلَيْسَ بِنَا إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ حَاجَةٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ شَرِيعَةٌ قَدْ نُسِخَتْ، وَلَكِنْ بِنَا أَنْ نَعْرِفَ أَنَّ ذَلِكَ التَّحْرِيمَ كَانَ بِبَغْيِهِمْ، وَبَطَلَ بِذَلِكَ دَعْوَاهُمْ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ، وَأَحِبَّاؤُهُ فَإِنَّ الْأَبَ، وَالْحَبِيبَ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ عَلَى الِابْنِ، وَالْحَبِيبِ بِأَدْنَى ظُلْمٍ، وَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى صِدْقِ رِسَالَةِ النَّبِيِّ ﵊ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا كَانُوا يُخْفُونَهُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظَاهِرًا عِنْدَ غَيْرِهِمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ بِاَللَّهِ عَلِمَ ذَلِكَ بِوَحْيٍ مِنْهُ إلَيْهِ اهـ. وَقَالَ الثَّعَالِبِيّ فِي تَفْسِيرِهِ وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ﴾ [الأنعام: ١٤٦] الْآيَةَ هَذَا خَبَرٌ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى يَتَضَمَّنُ تَكْذِيبَ الْيَهُودِ فِي قَوْلِهِمْ إنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ عَلَيْنَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا حَرَّمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا

1 / 192