أما البيت الأول فهو كقوله:
أبَعَدُ نأي المَليحَةِ البَخلُ ... في البعُدِ ما لا تُكلِفُ الإبل
أي إن البعد بيننا هجرك، ولو كان بعدًا حقيقيًا لعملنا الإبل حتى نصل إليك. والبيتان معًا من قول العباس بن الأحنف:
لو كنت عاتبة لسكن لوعتي ... أملي رضاك وزرتُ غيرُ مراقب
لكن مللت فلم تكن لي حيلة ... صد الملول خلاف صد العاتبِ
وقوله في البيت الثاني: ولو وصلنا عليها مثل أنفاسنا على الاماق. يعني نحافا قد أذهب الضنى ثقلنا حتى نحن في الخفة كأنفسنا. مثل قوله أيضًا:
برتني السُرى بري المدى فرددنني ... أخفُ على المركوب من نفسي جُرمي
والرمق بقية الحياة. أتى بها أيضًا لخفتها أي لم يبق منها إلا القليل. يريد: إبلنا أيضًا نحاف لا أثقال لها وهذا كقول القائل:
أنضاء شوق على انضاء أسفار
ومثله كثير، إلا أن أبا الفتح أتى بكلام شديد المحال قد أثبت في كتابي (التجني) وشرحت كلامه: (وهو قوله: الارماق جمع رمق، وهو بقية النفس، أي وصلنا إليك وهي تحملنا