149

فتح البیان په مقاصد القران کې

فتح البيان في مقاصد القرآن

خپرندوی

المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر

د خپرونکي ځای

صَيدَا - بَيروت

ژانرونه

تفسیر
حتى يعلم بحكمه خصوصًا في أمور الدين، فإن التكلم فيها والتصديق للإصدار والإيراد في أبوابها إنما أذن الله به لمن كان رأسًا في العلم فردًا في الفهم، وما للجهال والدخول فيما ليس من شأنهم، والقعود في غير مقاعدهم. وأعلم أن كثيرًا من المفسرين جاؤوا بعلم متكلف وخاضوا في بحر لم يكلفوا سباحته، واستغرقوا أوقاتهم في فن لا يعود عليهم بفائدة، بل أوقعوا أنفسهم في التكلم بمحض الرأي المنهى عنه في الأمور المتعلقة بكتاب الله سبحانه، وذلك أنهم أرادوا أن يذكروا المناسبة بين الآيات القرآنية المسرودة على هذا الترتيب الموجود في المصاحف. فجاؤا بتكلفات وتعسفات يتبرأ منها الأنصاف، ويتنزه عنها كلام البلغاء فضلًا عن كلام الرب سبحانه، حتى أفردوا ذلك بالتصنيف وجعلوه المقصد الأهم من التأليف، كما فعله البقاعي في تفسيره ومن تقدمه ومن تأخره. وإن هذا لمن أعجب ما يسمعه من يعرف أن هذا القرآن ما زال ينزل مفرقًا على حسب الحوادث المقتضية لنزوله منذ نزل الوحي على رسول الله ﷺ إلى أن قبضه الله ﷿ إليه، وكل عاقل فضلًا عن عالم لا يشك أن هذه الحوادث المقتضية لنزول القرآن متخالفة باعتبار نفسها بل قد تكون متناقضة كتحريم أمر كان حلالًا وتحليل أمر كان حرامًا، وإثبات أمر لشخص أو أشخاص يناقض ما كان قد ثبت لهم قبله، وتارة يكون الكلام مع المسلمين، وتارة مع الكافرين، وتارة مع من مضى، وتارة مع من حضر، وحينًا في عبادة، وحينًا في معاملة، ووقتًا في ترغيب، ووقتًا في ترهيب، وآونة في بشارة وآونة في نذارة، وطورًا في أمر دنيا، وطورًا في أمر آخرة، ومرة في تكاليف آتية، ومرة في أقاصيص ماضية. وإذا كانت أسباب النزول مختلفة هذا الإختلاف، ومتباينة هذا التباين الذي لا يتيسر معه الإئتلاف، فالقرآن النازل فيها هو باعتبار نفسه مختلف كاختلافها فكيف يطلب العاقل المناسبة بين الضب والنون، والماء والنار،

1 / 151