قصتنا مع الكتاب:
هذا، وقد تعرفنا على كتاب "فتح باب العناية" من الجزء المحقَّق الذي اعتنى به شيخنا العلامة عبد الفتاح أبو غُدَّة رحمه الله تعالى. وكنا حريصين على اقتناء ما يحققه أو يعتني به أو يشير إليه من كتب، لكثرة اطلاعه، وسَدَاد نُصْحه، وطول باعه، وَوَفْرَة فوائده، وغَزَارة علمه.
فقرأنا مقدمة الكتاب، وعرفنا مدى شغف شيخنا به، ومدى حرصه على إخراجه لطلبة العلم، فشُغفنا بالكتاب لشغفه، وحَرِصنا على إخراجه لحرصه، وكان هذا منذ سنة ١٩٩٠ تقريبًا، وما زلنا ننتظر الكتاب سنة بعد سنة، ولكن مشاغل شيخنا رحمه الله تعالى أحالت دون إصدار بقية الكتاب محققًا كما كان يرجو.
وفي سنة ١٩٩٢ تقريبًا عندما قمنا بخدمة كتاب "شرح شرح نُخبة الفِكَر" لمُلّا علي القاري، وترجمنا له، وقفنا على أرقام مخطوطات لـ: "فتح باب العناية" في المكتبة السليمانية، ومن حسن تقدير الله تعالى، أن يَسَّر لنا زميلًا من تركيا من زملاء الدراسة (^١)، فطلبنا إليه أن يساعدنا للحصول على مصوَّرة لهذا الكتاب النفيس، وزوَّدناه بأرقامها، فسعى جاهدًا للحصول على طَلِبَتَنَا، جزاه الله عنا كلَّ خير.
ومضت الأيام والشهور، وبعد حوالي ثمانية أشهر، بعد أن كدنا نَفْقِدُ الأمل، جاءتنا البشرى بمصوَّرة الكتاب على "ميكروفيلم"، فسُرِرنا بها أيَّما سرور وَطِرْنا بها فرحًا، ثم في سنة ١٩٩٣ يَسَّر الله لنا الحصولَ على مطبوعة باكستان من المدينة المنورة أثناء رحلة الحج.
فرأينا أن الأمور تتيسر بين أيدينا لأمر يعلمه الله سبحانه، وكتابُ شيخنا لم يخرج بعد، واشتدت الحاجة إلى إخراجه أكثر، لما له من مزيد أهمية ومزيَّة، من حيث التدليلُ على المسائل الفقهية وربطها بأصولها من الكتاب والسنة.
فكنا نودّ أن يخرج الكتاب قريبًا، تعميمًا للنفع والفائدة، فعزمنا على إخراجه، إلا أننا كنا نقدِّم رِجلًا ونؤخر أخرى، لأننا لسنا من فرسان هذا المَيدان، ولا من حمائم تلك الأفنان.
فوقعنا في حَيصَ بيصَ، بين أمرين اثنين: أن تَطُولَ مُدَّةُ إخراج الكتاب حتى يتفرع له شيخنا ﵀ ويخرج محققًا التحقيق الأمثل، أو أن يخرج الكتاب في مدة وجيزة بخُطة أقلَّ وتحقيق موجز!
_________
(^١) وهو الأخ الفاضل حكمت التركي.
1 / 10