46

فتح اندلس

فتح الأندلس

ژانرونه

فقال أوباس: «هل تعرف اثنين من خدم هذا المنزل يمكننا أن نثق في أمانتهما إذا كلفناهما بمهمة ولو كانت ضد هذا الطاغية صاحب كرسي طليطلة اليوم.»

فقال يعقوب: «أنا يا سيدي.»

فقال أوباس: «إننا ندخرك لأمر آخر، ولكننا نحتاج إلى شابين أو ثلاثة أنت تثق في أمانتهما ونشاطهما وبسالتهما؛ لأن الأمر الذي سنكلفهما به يحتاج إلى الإقدام والشجاعة والأمانة.»

فأطرق يعقوب وقد أمسك بطرف لحيته وجعل يفتله بين السبابة والإبهام حتى أصبح مثل طرف الحبل لما يتخلل الشعر من الأوساخ. فعل ذلك وهو مستغرق في التفكير، ثم حرك أنامله بغتة فأعاد اللحية إلى ما كانت عليه، والتفت إلى أوباس وفي وجهه أمارات البشر وقال: «قلما أثق بأحد من هؤلاء وإن يكن معظمهم نشئوا في بيت مولاي وعاشوا على مائدته؛ لأن الإنسان أضعف من أن يضحي بنفسه في سبيل الوفاء والأمانة، ولكنني أعرف اثنين فقط أظنهما أهلا لهذه الثقة.»

فقال أوباس: «ومن هما؟»

قال يعقوب: «هما أجيلا وشنتيلا.»

فقال أوباس: «وكيف اخترت هذين وليس أحدهما ممن ربي في بيت الملك؟»

فقال يعقوب: «اخترتهما لاعتقادي بقدرتهما على هذه المهمة، ولأنهما لا يزالان طامعين في العلى؛ إذ لا يخفى على مولاي أنهما كانا من طبقة العبيد، وقد حررهما أخوك قبل وفاته وألحقهما بحاشيته لما آنسه فيهما من الكفاءة والشهامة. وقد ظهر لي بعد تحررهما من العبودية أنهما يطمعان في الرقي، شأن من يذوق طعاما لا يعرفه، فإذا استطابه زاد في اشتهائه فيطلب المزيد منه، وأما من تعود طعاما حلوا فقلما يستزيد منه. وهذان الشابان ولدا في مهد العبودية ونفساهما من أنفس الأحرار، وقد لمس الملك المرحوم عظم نفسيهما في حديث يطول سرده فمنحهما الحرية، وألحقهما بحاشيته، وهما الآن يتطلعان إلى التقدم، فإذا كان في المهمة التي تنتدبهما لها ما يطمع في ذلك، استماتا في سبيلها وإلا اعتذرا عنها، وهما لا يخونان ...»

فقال أوباس: «أراك بارعا في فلسفة الأخلاق. فإذا كان الغروب، تعال إلى منزلي وهما معك.»

قال ذلك وحول وجهه إلى ألفونس، ففهم يعقوب أنه يطلب خروجه فخرج. أما ألفونس فكان قد عاد إلى هواجسه، فلما أقبل عمه إليه قال له: «بماذا نجيب على هذا الكتاب؟»

ناپیژندل شوی مخ