126

فتح اندلس

فتح الأندلس

ژانرونه

فابتسم سليمان وقال: «لا بأس عليكم يا عماه، إني أكفل لكم كل ما يحميكم ويحمي أولادكم من كل شر، ومعي أناس من أهلي سأعهد بهم إليكم كي يقيموا عندكم الليلة، فهل من مكان لهم؟»

قال: «على الرحب والسعة.» وأشار بيده إلى جهة مستودع الخمر في قمة الجبل وقال: «هناك.» وهرول مسرعا ومعه بعض أولاده، حتى أقبلوا على فلورندا ورفاقها، فتناولوا أزمة الخيل وقادوها إلى ذلك المستودع، وكان بعضهم قد سبق إليه ، فكنسه وغسله ونظفه، فصعدت فلورندا على سلم المستودع وهي لا تزال بملابس الرجال، وصعدت خالتها وخادماها ثم سليمان، وظل أولاد الشيخ أسفل المكان ينتظرون أمرا لخدمته، فنزل سليمان فدفع إليهم قطعا من الذهب، وطلب إليهم أن يأتوهم بالطعام، وأظهر السخاء، فازداد أولئك الغلمان رغبة في خدمته.

أما فلورندا فلما صعدت إلى ذلك المستودع أطلت من بعض نوافذه، فرأت تحت ذلك الكرم وإلى شرقيه سهلا واسعا على مدى البصر يخترقه نهر على ضفتيه الأشجار والأعشاب، وفي أحد طرفي السهل إلى يمينها خيام على نمط لم تتعود مثله، وفي وسطها خيمة كبيرة حمراء اللون أمامها علم كبير. وأمام الخيام الأخرى أعلام أصغر منه، ورأت وراء تلك المضارب خياما منفصلة عنها وفيها الدواب وبينها الجمال، وهي لم ترها منذ زمان طويل؛ فعلمت أنها ترى معسكر العرب فتنسمت ريح والدها من هناك، وكان سليمان قد فرغ من صرف أولاد الشيخ وصعد، فلما رأته قالت: «أليس هذا معسكر العرب؟»

قال: «بلى يا مولاتي، والخيمة التي ترينها في وسط المعسكر هي خيمة الأمير طارق بن زياد، ومولاي الكونت يوليان والدك يقيم فيها معه.»

قالت: «وما تلك المضارب البعيدة؟»

قال: «هي أخبية النساء ومراتع الماشية؛ لأن العرب إذا ساروا إلى الحرب أخذوا معهم نساءهم وأولادهم وماشيتهم ويجعلونهم وراءهم، فإذا ضعفوا في الحرب وحدثتهم أنفسهم بالرجوع أو الفرار لقيهم أهلهم فيعودون وقد تشددوا وتحمسوا.»

فحولت نظرها إلى السهل من جهة اليسار، فرأت هناك خياما أخرى عرفت أنها مضارب الإسبان، وفيها خيمة رودريك وخيمة ألفونس. أما فسطاط رودريك فعرفته من كبره ومما فوقه من الأعلام والبنود وما أمامه من الخدم والأعوان، وإن كانوا لا يظهرون - إلا قليلا - لبعد المسافة. وأما خيمة ألفونس فلم تستطع معرفتها لتشابه خيام القواد وهم كثيرون، فأشارت إلى خيمة رودريك وقالت: «أليست هذه هي خيمة الملك؟»

قال: «بلى، وأظنك تريدين معرفة خيمة الأمير ألفونس، إنه لا سبيل إلى معرفتها إلا بالبحث، وقد عقدت النية على أن أبحث عن ذلك بنفسي لما لوالدك من الفضل علي .»

فشكرت له فضله ثم قالت: «ومتى تذهب للبحث؟»

قال: «في هذه الساعة بعد أن أهيئ لك ما تحتاجين إليه من الطعام، ولا بأس عليك هنا ومعك خالتك والشابان وهما نشيطان.»

ناپیژندل شوی مخ