123

فتح اندلس

فتح الأندلس

ژانرونه

قال: «عرفته منذ بضعة أشهر؛ إذ جئت إلى هذه المدينة وبلغني قدوم الأمير وجنده، وكانوا يقيمون في هذه القلعة قرب الجسر. هل أبحث عنه هناك؟»

فاستأنست به فلورندا وقالت: «افعل يرحمك الله، وأتنا بالخبر.»

فتركهم وتحول بأسرع من لمح البصر، وترجلت فلورندا وخالتها ولبثوا جميعا ينتظرون الخبر وفلورندا تهنئ نفسها بلقاء ألفونس، وكلما تصورت أنها لقيته يختلج فؤادها، وهي لا تزال تذكره كما شاهدته المرة الأخيرة في حديقة القصر في طليطلة وعليه ملابس الشتاء والفرو والمنطقة، وقد خرج من الحديقة مسرعا مبغوتا عند سماعه الصفير، تلك آخر صورة ارتسمت له في ذهنها. ولم يطل زمن اضطرابها وهواجسها لأن سليمان عاد سريعا، فلما رأته مقبلا شخصت إليه ببصرها، وقد منعها الحياء من مبادرته بالسؤال قبل وصوله، فلما وصل ابتدرها قائلا: «لم أجد أحدا في القلعة.»

قالت: «أتظنهم لم ينزلوا فيها؟»

قال : «لا ريب عندي أنهم كانوا فيها، وقد سألت أحد حراس القلعة فأخبرني أن رودريك بعث إلى مولاي الأمير ألفونس أن يوافيه إلى وادي ليتة بمن معه من الجند لملاقاة العرب.»

فبغتت فلورندا، وأطرقت وهي تتجلد وتمسك عواطفها أمام ذلك الرجل، ولكنها أصبحت قلقة البال على ألفونس؛ لأنه ذهب إلى ساحة الحرب وهو في جانب وأبوها في الجانب الآخر، فإذا فاز الواحد غلب الآخر، وكلاهما عزيزان. وربما لم يفت سليمان ما مر بخاطرها من هذا القبيل فقال لها: «أظننا نلاقي الأمير ألفونس في الطريق إذا أسرعنا، وإلا فإننا نلاقيه في وادي ليتة، فإذا وصلنا إلى هناك بحثت عنه وأتيتك بما تريدينه.»

فاطمأنت فلورندا بذلك الوعد، وأشارت إلى الركب بالمسير، فركبوا وساروا حتى تواروا عن أستجة وقطعوا نهرها، وما زالوا سائرين جنوبا وهم يمرون بالكروم والبساتين، وكلما اقتربوا من وادي ليتة قل الناس العاملون في الحقول.

وأقبلوا في صباح اليوم التالي على طريق، رأوا فيها جماعة من أهل القرى يهرعون كأنهم يفرون من عدو يتعقبهم، فقالت فلورندا في نفسها: «يظهر أننا على مقربة من معسكر العرب أو أن العرب قادمون.» ثم التفتت إلى سليمان فإذا هو ينظر إلى الأفق ويتفرس كأنه يرى شيئا غريبا، فنظرت، فرأت غبارا يتصاعد، فرجح لديها قدوم العرب، فخفق قلبها، وقالت لسليمان: «يظهر أن العرب قريبون منا، أليس أبي معهم؟»

فقال: «لا أظن أن القادمين عرب؛ لأنهم سائرون من الشمال إلى الجنوب.» ثم التفت إلى أحد المارة من الفلاحين، وسأله عن سبب فرارهم، فقال الرجل: «ألا ترى جند الملك قادمين؟ إنهم لم يتركوا أذى إلا ألحقوه بالفقراء أمثالنا، ولا يتركون ثمرا إلا قطعوه، ولا زرعا إلا داسوه، ولو اكتفوا بذلك لهان علينا الأمر، ولكنهم يلحقون الأذى بالناس.» قال ذلك وسار مسرعا في طريقه لئلا يكون مخاطبه من حزب الملك فيقبض عليه.

وكانت فلورندا تسمع كلام الرجل، وتأسف على تلك الحال، وأرادت أن تعلم إذا كان الملك نفسه مع ذلك الجند، فقالت لسليمان: «وهل تظن أن رودريك مع هذا الجند؟»

ناپیژندل شوی مخ