قال بعض العلماء: فأي معنى اختص به الخالق بعد هذه المنزلة؟ وماذا أبقى هذا المتكلم الخبيث لخالقه من الأمر؟ فإن المشركين أهل الأوثان وما يؤمنون في من عبدوه بشيء من هذا، وهذا بعض كلامهم. ولو ذهبنا نذكر ما يشبهه نظما ونثرا لطال الكلام ، وما وسعه المقام، وفاتنا ما قصدنا من النظام لهذا فكيف الإيمان بهذا وشبهه، والإيمان بقوله تعالى: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم} . [يونس: 106، 107] . وقوله تعالى: {قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا} . [الجن: 21] . وقوله تعالى: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون} . [الأعراف: 188] . وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة: "يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله # شيا ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ويا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا" 1. فهل يجتمع الإيمان بقول هؤلاء المشركين وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من إخلاص العبادة لله تعالى؟ لا والله لن يجتمعا في قلب عبد، إلا كما يجتمع أن موسى صادق على الحق، وأن فرعون صادق على الحق، وأن فرعون صادق على الحق، بل كما القائل:
سارت مشرقة وسرت مغربا ... شتان بين مشرق ومغرب
صم وبكم عن حقيقة دينهم ... عمي عن القول المصيب الطيب
قد أغرقوا في بحر شرك لجة ... في ظلمة فيها صواعق صيب
أعاذنا الله من الشرك والكفر والنفاق وبرأنا من أهلها.
شرح حديث ابن مسعود:
مخ ۸۲