واعلم أن كل مصنوع لا بد فيه من تصور أربع علل: علة الفاعلية، وعلة الصورية، وعلة المادية، وعلة الغائية، فإذا عرفت ذلك أن الجن والإنس مصنوعان من مصنوعات الله، قال تعالى: {الله الذي أتقن كل شيء} [النمل: 88] . فيلزم فيهما ما يلزم في غيرها. فالفاعل الله وحده، جل جلاله، وعم نواله، قال تعالى: {خلق الأنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار} # [الرحمن: 14، 15] . والآلة في الإنس: الطين، قال تعالى: {إنا خلقناهم من طين لازب} [الصافات: 11] . والآلة في الجن: النار، قال تعالى: {والجان خلقناه من قبل من نار السموم} [الحجر: 27] . والصورة، هذه الصورة الحسنة المرئية في الإنس، قال تعالى: {لقد خلقنا الأنسان في أحسن تقويم} [التين: 4] . والصورة في الجن: الجسم اللطيف المخفي عن الأعين، قال تعالى: {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} [الأعراف: 27] . والغاية من خلقهما العبادة، قال تعالى: {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} والعبادة اسم لما شرعه الله تعالى في كتابه المنزل على لسان رسوله المرسل صلى الله عليه وسلم، وما خالفه من النسك والأعمال والأقوال والنيات فبدعة يستوجب صاحبه النار. عن عائشة
-رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد" 1. وقال صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض: "فإن من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" 2. متفق عليه.
مخ ۴۹