أفعل من غَنِي بمعنى أقام معناه، وأغنى مغنٍ أي: وأبقى كافٍ، وإن شئت جعلته من أغنى عنه الرباعي، كما قيل: أعطاهم للمال، وأولاهم للمعروف، وأكرم لي من زيد، وهو من الرباعي قليل.
وقال بعض النحويين: أعطاهم بُنيَ مِنْ أصله، وهوعطا يعطو، وأولاهم مِنْ ولي يلي، وزيدٌ أفقر منه من فقر، وهو الأصل وعليه جاء فقير، [وأكرم لي رد إلاكرُم] (^١).
والمشهور أن يبنى أفعل التفضيل من الثلاثي نحو: ضرب، وعلم، وحسن وغيره قليل.
أخبرني شيخنا أبو القاسم الشاطبي ﵀: أن بعض شيوخه سأله هل تجد في القرآن وفَى ثلاثيًا كما جاء الرباعي في ﴿أَوْفُوا بِالعُقُودِ﴾ (^٢)، قال: قلت: نعم في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ﴾ (^٣)؛ لأن أفعل من الثلاثي. ثم قال شيخنا: فلو قال قائلٌ: لعله بني من أوفى لا من وفى،. قلنا: الكلمة إذا جاء فيها ثلاثي ورباعي فأفعل من ثلاثيها لاغير وأما أعطاهم فلم يأت منه ثلاثي.
قال: والذي يدل على أنه إنما بني من الثلاثي دون الرباعي أنَّ أكرم متعدٍ وكرم غير متعدٍ، وأكرم منك مثله غير متعدٍ ولوكان من أكرم لكان متعديًا مثله، وإن شئت قلت: بناه مِنْ غني إذا كثر ماله، فيكون «واهبًا» منصوبًا على التمييز: كقولك: هو أغناهم أبًا، وتقديره: أغنى مغنٍ واهبًا./ فإن
(^١) ما بين المعقوفتين سقط من (ت).
(^٢) الآية (١) من سورة المائدة.
(^٣) الآية (١١١) من سورة التوبة.