المعاصي بريد الكفر؛ لأنَّ النفسَ إذا وقعت في المخالفة تدرَّجت من مفسدة إلى أخرى أكبر منها، قيل: وإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿وَيَقْتُلُونَ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾، يريد أنَّهم تدرَّجوا بالمعاصي إلى قتل الأنبياء، وفي الحديث: "لعن الله السارق يسرق البيضة فتُقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده"، أي: يتدرَّج من البيضة والحبل إلى السرقة".
٥ النعمان بن بشير ﵄ من صغار الصحابة، وقد توفي رسول الله ﷺ وعمره ثمان سنوات، وقد قال في روايته هذا الحديث: "سمعت رسول الله ﷺ يقول"، وهو يدلُّ على صحَّة تحمُّل الصغير المميِّز، وأنَّ ما تحمَّله في حال صغره، وأدَّاه في حال كبره، فهو مقبول، ومثله الكافر إذا تحمَّل في حال كفره، وأدَّى في حال إسلامه.
٦ مِمَّا يُستفاد من الحديث:
١ بيان تقسيم الأشياء في الشريعة إلى حلال بيِّن، وحرام بيِّن، ومشتبه متردّد بينهما.
٢ أنَّ المشتبه لا يعلمه كثير من الناس، وأنَّ بعضَهم يعلم حكمَه بدليله.
٣ ترك إتيان المشتبه حتى يُعلم حلُّه.
٤ ضرب الأمثال لتقرير المعاني المعنوية بتشبيهها بالحسيَّة.
٥ أنَّ الإنسانَ إذا وقع في الأمور المشتبهة هان عليه أن يقع في الأمور الواضحة.