ومع هذه الثلاثة، فإن كان الذنب في حقِّ الله ﷿ وفيه كفَّارة، أتى بالكفارة، وإن كان في حق للآدميِّين، أدَّى حقوقهم إليهم أو تحلَّلهم منها.
٥ قوله: "يا ابن آدم! إنَّك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتُك بقُرابها مغفرة"، الشركُ بالله ﷿ هو الذنب الذي لا يغفره الله، وكلُّ ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله، إن شاء عفا عن صاحبه ولم يعذبه، وإن شاء عذَّبه وأدخله النار، ولكنه لا يُخلَّد فيها خلود الكفار، بل لا بدَّ أن يخرج منها ويدخل الجنَّة، كما قال الله ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾، في آيتين من سورة النساء، وفي هذا الحديث بيان أنَّ الذنوبَ ولو بلغت في الكثرة ما بلغت، فإنَّ الله يتجاوز عنها، بشرط كون العبد مخلصًا عبادته لله، سليمًا من الإشراك به.
٦ مِمَّا يُستفاد من الحديث:
١ سعة فضل الله ﷿ ومغفرة ذنوب عباده.
٢ من أسباب مغفرة الذنوب دعاء الله ورجاؤه من غير يأس.
٣ فضل الاستغفار مع التوبة، وأنَّ الله يغفر للمستغفر ذنوبه ولو بلغت في الكثرة ما بلغت.
٤ أنَّ الشركَ بالله هو الذنب الذي لا يُغفر، وأنَّ ما سواه تحت مشيئة الله.
٥ فضل الإخلاص، وأنَّ الله يُكفِّر به الذنوب.