الغلو في شخص الرسول ﵊ تقليدًا للنصارى، ومصداقًا لقوله ﵊: «لتتَّبُعُنَّ سنن من كان قبلكم حذو الْقذَّةِ بالقذةِ حتى لو دخلوا جُحر ضب لدخلتمُوه، قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن؟» (١) فلقد غلا النصارى في شخص عيسى ﵇ وأَنكروا بشريته وقالوا عنه - زورًا وبهتانًا وإثمًا مبينًا - بأنه ابن الله، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.
لقد كان ﷺ شديد الحذر على أُمته أَن تسلك المسلك الذي سلكه النصارى في رسولهم عيسى ﵇ فقال ﷺ: «لا تطروني كما أَطرت النصارى ابن مريم إنما أَنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله» . وقال أيضًا: «إيَّاكم والْغلوَّ فإنما أَهلك من كان قبلكم الْغلوّ» (٢) .
(٦- المسيح ﵇ لم يقتل ولم يصلب)
المسألة الثالثة (٣) - وهي قولهم هل مات عيسى على الصليب؟
الجواب: المسيح ﵇ قد صانه الله وحماه، فلم يقتل ولم يصلب، وإنما قتل وصلب المشبه به. وذلك أنه ﵇ لما قصد منه أَعداؤه من اليهود مقصد السوء وقاه الله كيدهم ورفعه عنهم إلى السماء، وأَلقى شبهه على رجل من الحواريين فأَمسكوه وقتلوه وصلبوه بناء منهم على أَنه المسيح ﵇، قال الله تعالى في حق اليهود: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلًا - وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا -
_________
(١) متفق عليه.
(٢) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث ابن عباس.
(٣) من المسائل التي سأل عنها مسلموا غيانا البريطانية.
1 / 34