<229>للتجارة لم يعد إلى حالة التجارة حتى لا يجب عليه صدقة فطره في المستقبل ولا زكاة التجارة لأن الكتابة أبطلت صفة التجارة مع بقاء الملك فيه وصار كما لو وجه للخدمة ثم ترك الخدمة ولا يؤدى عن الآبق ولا عن المغصوب المجحود الذي لا بينة له وحلف الغاصب فإن عاد الآبق من الإباق أو رد المغصوب عليه بعدما مضى يوم الفطر كان عليه صدقة ما مضى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يجب عليه صدقة ما مضى ذكره في المنتقي ولا يؤدي عن عبده المأسور ويؤدي عن المرهون إذا كان فيه وفاء وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في الأمالي ليس على الراهن أن يؤدي صدقة الفطر حتى يفكه فإذا افتكه أعطى لما مضى لأن الرهن قبل الفكاك متردد بين أن يبقى للراهن بالفكاك وبين أن يصير المرتهن مستوفيا دينه من ماليته بالهلاك فصار كالبيع بشرط الخيار ويجب عليه صدقة فطر عبده المستأجر وعبده المأذون وإن كان على العبدين مستغرق ولا تجب صدقة الفطر عن عبيد عبده المأذون لأنه إن كان على العبد المأذون دين لا يملك المولى عبيده وإن لم يكن عليه دين كان العبيد للتجارة ولا تجب صدقة الفطر عن العبيد للتجارة وإن اشتراهم المأذون للخدمة تجب إن لم يكن على المأذون دين وإن كان عليه دين فعلى الاختلاف ولو كان العبد موصي بخدمته كانت صدقة الفطر على مالك الرقبة وذا العبد العارية والوديعة والعبد الجاني عمدا أو خطأ لأن الملك إنما يزول بالدفع إلى المجني عليه مقصورا على الحال لا قبله والعبد لو كان مبيعا بيعا فاسدا فمر يوم الفطر قبل قبض المشتري ثم قبضه المشتري وأعتقه فالصدقة على البائع لأن الملك للبائع كان ثابتا قبل القبض وإنما يثبت للمشتري عند القبض مقصورا وكذا إذا مر يوم الفطر وهو مقبوض للمشتري ثم استرده البائع لأن حق البائع ما انقطع بالقبض لبقاء ولاية الاسترداد فكان يمنزلة بيع فيه خيار وإن لم يستره البائع وأعتقه المشتري لأن ملك المشتري تم بالإعتاق كما يتم بإسقاط الخيار في بيع فيه خيار وبالقبض في بيع لا خيار فيه إذا اشتري عبدا قبل يوم الفطر وفي البيع خيار لأحدهما فمضى يوم الفطر ثم تم البيع وانتقض فصدقة <230>الفطر على من يصير العبد له وكذلك زكاة التجارة إذا كان اشتراه للتجارة وعند زفر رحمه الله تعالى صدقة الفطر تجب على من كان العبد في ملكه يوم الفطر لوجود السبب في حقه يوم الفطر ولنا أن الملك متردد بين للبائع أو المشتري لأن الرد بخيار الشرط فسخ من كل وجه وقال الشافعي رحمه الله تعالى صدقة الفطر على من كان له الخيار فإن كان الخيار لهما فعلى البائع وإن لم يكن في البيع خيار ولم يقبضه المشتري حتى مضى يوم الفطر ثم قبضه بعد ذلك فالصدقة على المشتري لأن ملك المشتري تم بالقبض وإن مات قبل أن يقبضه المشتري فلا صدقة على واحد منهما وإن لم يمت ورد قبل القبض بعيب أو خيار رؤية فصدقة الفطر على البائع وإن رده بعد القبض بعيب أو بخيار رؤية فالصدقة على المشتري لأن السبب قد تم وهو الملك ووجبت بالصدقة فلا تسقط بانتقاض السبب بعد ذلك ولا تجب عن الحمل ولو قال لعبده إذا جاء يوم الفطر فأنت حر فجاء يوم الفطر عتق العبد ويدب عليه صدقة الفطر قبل العتق بلا فصل ولو كان العبد للتجارة يجب على المولى زكاة التجارة إذا تم الحول بانفجار الصبح من يوم الفطر إذا كان المماليك بين رجلين ليس عليهما صدقة الفطر لأنه لم يملك كل واحد منهما عبدا كاملا وذكر في بعض الروايات خلافا بين أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا تجب وعلى قولهما تجب بناء على أن قسمة الرقيق مبادلة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يقسم قسمة واحدة إلا برضاهما فلا يكون الملك ثابتا لكل واحد منهما قبل القسمة وعندهما إفراز يقسم القاضي جبرا قسمة فكان الملك ثابتا قبل القسمة ولو كان العبد بين رجلين لا تجب الصدقة عليهما في قولهم جميعا وقال الشافعي رحمه الله تعالى تجب الصدقة عليهما وإذا كان الابن لرجلين بأن جاءت الجارية بين رجلين بولد فادعياه أو ادعيا لقيطا قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يجب على كل واحد منهما صدقة كاملة وقال محمد رحمه الله تعالى يجب عليهما صدقة واحدة ولا تجب صدقة الفطر على الكافر عن عبده المسلم وولده المسلم وتجب الصدقة على من
<231> يسقط عنه الصوم لمرض أو كبر ويؤدي صدقة الفطر عن نفسه حيث هو وعن عبيده حيث هم وفي زكاة المال مكان المال ويجوز أن يعطي الواجب عن واحد جماعة أو على العكس ثم عندنا الواجب نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وذكر في الجامع الصغير نصف صاع من بر أو دقيق أو سويق أو زبيب أو صاع من تمر أو شعير في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى الزبيب بمنزلة الشعير وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز الدقيق والسويق ولو أدى منوين من الخبر لم يذكر في الكتاب واختلف المشايخ فيه بعضهم جوزوا ذلك وبعضهم لم يجوزوا إلا على اعتبار القيمة وهو الصحيح لأن الخبر موزون الحنطة مكيل فلا يجوز إلا باعتبار القيمة وأما الأقط فلا يجوز عندنا إلا باعتبار القيمة ولو أدى أقل من نصف صاع من الحنطة يساوي صاعا من الشعير مكان صاع من الشعير لا يجوز والصاع ثمانية أرطال مما يستوي كيله وزنه نحو العدس والماش فإن كان يسع فيه ثمانية أرطال من العدس والماش فهو الصاع الذي يكال به الحنطة والشعير والتمر هذا إذا أعطى صدقة الفطر بالصاع فإن أعطى بالوزن منوين من الحنطة يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى لا يجوز لأن النص ورد بالصاع وهو مكيال يختلف وزن ما يدخل فيه فإن كانت الحنطة برية كان وزنها أكثر وكان المعتبر هو الكيل ولهما إن المختلفين في الصاع قدروا الصاع بالوزن بعضهم بثمانية أرطال وبعضهم بخمسة أرطال وثلث رطل فإن كان تقدير الصاع بالوزن يجوز الإعطاء بالوزن ويجوز أن يعطي فقراء أهل الذمة ويكره ولا يجوز صرفها إلى المستأمن ويجوز إلى زوجة الغني وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا قضى لها بالنفقة لا يجوز عن أبي يوسف رحمه الله تعالى الدقيق أحب إلى من الحنطة لأنه أقرب إلى المقصود والدراهم أحب إلى من الكل وقال بعضهم الحنطة أحب من الدراهم وينبغي أن تكون الحنطة أولى إذا كان في موضع يشترون الأشياء بالحنطة كما يشترون بالدراهم ويجوز تعجيلها بيوم أو يومين وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية بسنة
<232> أو سنتين وقال بعضهم إذا مضى النصف من رمضان وقال الحسن بن زياد رحمه الله تعالى لا يجوز تعجيلها وقال خلف بن أيوب العامري رحمه الله تعالى يجوز إذا دخل رمضان وهكذا ذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى وهو الصحيح اعتبار تعجيل الزكاة بعد ملك النصاب ووقت وجوبها حال طلوع الفجر من يوم الفطر حتى إن من مات قبله لا صدقه عليه ومن أسلم قبله كان عليه صدقة الفطر وعند الشافعي رحمه الله تعالى تجب عند غروب الشمس لآخر يوم من رمضان أداؤها قبل صلاة العيد أفضل ولا تسقط بتأخر الأداء وإن افتقر لأنها متعلقة بالذمة دون المال بخلاف الزكاة والله أعلم.
مخ ۱۱۳