65

Fatawa of Dr. Husam Afaneh

فتاوى د حسام عفانة

ژانرونه

٨ - النظافة لدخول المسجد
يقول السائل: إن بعض المصلين يحضرون إلى المسجد بملابس ليست نظيفة وتخرج منهم روائح كريهة وخاصة في أيام الصيف الحارة فما قولكم في ذلك؟
الجواب: إن الإسلام دين النظافة ويظهر ذلك واضحًا جليًا في كثير من النصوص الشرعية التي تحث على النظافة والطهارة والتطيب وإزالة ما يجب إزالته من الروائح الكريهة أو ما يؤدي إليها فالمسلم يتوضأ في اليوم عدة مرات ليصلي ومطلوب منه أن يستعمل السواك عدة مرات أو ما يقوم مقام السواك من فرشاة أسنان ومعجون
ومطلوب من المسلم الاغتسال مرة في الأسبوع على أقل تقدير.
وقد حثَّ الإسلام المسلمين على الطهارة والنظافة في البدن والثياب عند حضور مجامع المسلمين كصلاة الجماعة والجمعة والعيدين وغيرها وهذه بعض النصوص الشرعية التي تؤكد على هذه الحقيقة:
١. يقول الله تعالى:: (يا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) سورة المائدة الآية ٦.
٢. ويقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) سورة المدثر الآيات ١-٤.
٣. وعن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: (إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل) رواه البخاري ومسلم.
٤. وعن أبي سعيد الخدري ﵁ أن النبي ﷺ قال: (غسلُ يوم الجمعة واجب على كل محتلم - أي بالغ - والسواك وأن يمس من الطيب ما يقدر عليه) رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي هريرة ﵁ قال قال رسول الله ﷺ: (حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يومًا يغسل فيه رأسه وجسده) رواه البخاري ومسلم.
٦. وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) رواه البخاري ومسلم.
وغير ذلك من النصوص التي تحث المسلم وتوجب عليه الطهارة والنظافة بشكل عام وفي يوم الجمعة بشكل خاص نظرًا لاجتماع المصلين في المسجد وحتى لا يؤذي بعضهم بعضًا بروائحهم الكريهة.
وقد جاء في الحديث عن عائشة ﵂: (كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم ومن العوالي فيأتون في العباء فيصيبهم الغبار والعرق فتخرج منهم الريح فأتى النبي ﷺ إنسان منهم وهو عندي فقال النبي ﷺ: لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا؟) رواه البخاري ومسلم.
وقد حث الرسول ﷺ المسلم أن يلبس ملابس نظيفة وخاصة يوم الجمعة غير ملابسه التي يلبسها لعمله خلال أيام الأسبوع فقد جاء في الحديث عن عبد الله بن سلام ﵁: (أنه سمع النبي ﷺ يقول على المنبر يوم الجمعة: ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته) رواه أحمد وأبو داود وإسناده صحيح على شرط مسلم كما قال الشيخ الألباني في غاية المرام ص ٦٤.
وعن أبي سعيد الخدري ﵁ أن النبي ﷺ قال: (على كل مسلم الغسل يوم الجمعة ويلبس من صالح ثيابه وإن كان له طيب مس منه) رواه أحمد وأبو داود وهو حديث صحيح، الفتح الرباني ٦/٤٨.
وكذلك فإن من السنة أن يتطيب المسلم عند ذهابه إلى المسجد لصلاة الجمعة ولغيرها فقد جاء في الحديث عن سلمان الفارسي ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ:
(لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر بما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يروح إلى المسجد ولا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت للإمام إذا تكلم إلا غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة الأخرى) رواه البخاري.
وعن أبي أيوب ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج وعليه السكينة حتى يأتي المسجد فيركع إن بدا له ولم يؤذ أحدًا ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى) رواه أحمد ورجاله ثقات كما قال الهيثمي.
كما وأن الرسول ﷺ نهى من أكل بصلًا أو ثومًا عن الحضور إلى المسجد لما في ذلك من إيذاء للمصلين بالروائح الكريهة فقد ثبت في الحديث أن النبي ﷺ قال: (من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية عند مسلم: (من أكل هذه الشجرة يعني الثوم فلا يقربن مساجدنا) .
وفي رواية أخرى عند البخاري ومسلم: (من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا ولا يصلين معنا) .
وعن عمر بن الخطاب ﵁ قال: (لقد رأيت رسول الله ﷺ إذا وجد ريحهما
- البصل والثوم - من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع) رواه البخاري ومسلم.
وينبغي أن يعلم أن كل رائحة كريهة تلحق برائحة البصل والثوم فمن كانت رائحة جواربه ورجليه نتنة فينبغي له أن لا يدخل المسجد حتى يغسلهما وكذلك رائحة المدخنين الكريهة تلحق برائحة آكلي البصل والثوم وهكذا كل رائحة كريهة لأن المساجد تصان عن جميع الروائح الكريهة.
قال القرطبي: [قال العلماء: إذا كانت العلة في إخراجه من المسجد أنه يتأذى به ففي القياس أن كل من تأذى به جيرانه في المسجد بأن يكون ذرب اللسان سفيهًا عليهم أو كان ذا رائحة قبيحة لا تريمه - أي لا تفارقه - لسوء صناعته أو عاهة مؤذية كالجذام وشبهه وكل ما يتأذى به الناس كان لهم إخراجه ما كانت العلة موجودة حتى تزول.
وكذلك يجتنب مجتمع الناس حيث كانت لصلاة أو غيرها كمجالس العلم والولائم وما أشبهها من أكل الثوم وما في معناه مما له رائحة كريهة تؤذي الناس) تفسير القرطبي ٢/٢٦٧- ٢٦٨.
وأخيرًا أذكر ما قاله الإمام الشافعي في حق من يحضر الجمعة وغيرها: (فنحب للرجل أن يتنظف يوم الجمعة بغسل وأخذ شعر وظفر وعلاج لما يقطع تغير الريح من جميع جسده وسواك وكل ما نظفه وطيبه وأن يمس طيبًا مع هذا إن قدر عليه ويستحسن من ثيابه ما قدر عليه ويلبسها عليه ويطيبها اتباعًا للسنه ولا يؤذي أحدًا قاربه بحال.
وكذلك أحب له في كل عيد وآمره به وأحبه في كل صلاة جماعة وآمره به وأحبه في كل أمر جامع للناس وإن كنت له في الأعياد من الجمع وغيرها أشد استحبابًا للسنة وكثرة حاضرها) الأم ١/١١٧.
*****

5 / 8