63

Fatawa of Dr. Husam Afaneh

فتاوى د حسام عفانة

ژانرونه

٦ - الغسل الشرعي
تقول السائلة: أنها امرأة متزوجة وتعيش مع زوجها وأولادها وهي تخجل من الاستحمام فجرًا وأن جارتها قالت لها يكفي أن تغسل رأسها لرفع الجنابة فهل هذا يكفي؟
الجواب: الحياء من الإيمان كما ثبت ذلك في النصوص الشرعية فمن ذلك ما جاء في الحديث عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان) رواه مسلم.
وثبت في الحديث عن عبد الله بن عمر ﵄ (أن رسول الله ﷺ مرّ على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله ﷺ دعه فإن الحياء من الإيمان) رواه البخاري ومسلم وورد في الحديث عن عمران بن حصين أن النبي ﷺ قال: (الحياء خير كله) رواه مسلم.
وبناء على ما تقدم فإن الحياء مطلوب شرعًا ولكن يجب أن يوضع الحياء في محله فالحياء من الأمور الواجبة شرعًا ليس حياء وإنما هو جبن في الالتزام بالحكم الشرعي كما في حالة السائلة عن غُسل الجنابة وهو واجب شرعًا فلا يجوز الحياء منه. قال تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) سورة المائدة الآية ٦. وقال تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) سورة البقرة الآية ٢٢٢. وصح في الحديث عن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ قال: (إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل) رواه مسلم.
والغسل الشرعي لا بد فيه من تطهير جميع البدن وغسل الرأس فقط لا يعتبر غسلًا شرعيًا فإذا غسلت المرأة رأسها فقط وصلت فصلاتها باطلة شرعًا وقد صح في الحديث قول النبي ﷺ: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) رواه مسلم.
وقد قرر العلماء أن الحياء إن كان من واجب شرعي فهو محرم. قال الإمام النووي: [وأما كون الحياء خيرًا كله ولا يأتي إلا بخير فقد يشكل على بعض الناس من حيث إن صاحب الحياء قد يستحي أن يواجه بالحق من يجله فيترك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وقد يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق وغير ذلك مما هو معروف في العادة وجواب هذا ما أجاب به جماعة من الأئمة منهم الشيخ أبو عمر بن لصلاح رحمه الله تعالى أن هذا المانع الذي ذكرناه ليس بحياء حقيقة بل هو عجز وخور ومهانة وإنما تسميته حياء من إطلاق بعض أهل العرف أطلقوه مجازًا لمشابهته الحياء الحقيقي وإنما حقيقة الحياء خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق ونحو هذا] شرح النووي ١/٢٠٤. وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة ﵂ قالت: (نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين) فهذه عائشة ﵂ تثني على نساء الأنصار في تعلمهن الأحكام الشرعية وأن الحياء لا يمنعهن من ذلك. وثبت في الحديث عن أم سلمة ﵂ قالت: جاءت أم سليم إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ فقال رسول الله ﷺ: نعم إذا رأت الماء فقالت أم سلمة: يا رسول الله وتحتلم المرأة فقال: تربت يداك فبم يشبهها ولدها) رواه مسلم.
وخلاصة الأمر أن حياء هذه المرأة ليس في محله وأما ما أشارت به جارتها من غسل الرأس فقط فلا يكفي في رفع الجنابة ولا بد من الغسل الكامل.

5 / 6