129

Fatawa of Dr. Husam Afaneh

فتاوى د حسام عفانة

ژانرونه

٥٣ - الدعاء والقنوت
يقول السائل: اختلف المصلون في المسجد الذي نصلي فيه في مسألة القنوت في صلاة الفجر أرجو توضيح ذلك.
الجواب: ثبت في الحديث الصحيح عن أنس بن مالك ﵁ (أن النبي ﷺ قنت في صلاة الفجر شهرًا يدعو في قنوته على أحياء من أحياء العرب ثم تركه) رواه البخاري ومسلم. وثبت (أن النبي ﷺ كان يقنت في صلاة المغرب والفجر) رواه مسلم. وجاء في الحديث عن ابن عباس ﵄ أنه قال: (قنت رسول الله ﷺ شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو على أحياء من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه) رواه أحمد وأبو داود وهو حديث حسن، كما في صحيح سنن أبي داود ١/٢٧١. ووردت أحاديث أخرى في قنوت النبي ﷺ في الصلوات المفروضات وهذه الأحاديث تدل على أن النبي ﷺ كان يقنت في النوازل وعند حلول المصائب في الصلوات الخمس وليس في صلاة الفجر فقط. لذا فإن الصحيح من أقوال أهل العلم أن القنوت ليس خاصًا بصلاة الفجر وإنما يقنت في الصلوات الخمس عند حلول المصائب فقط. وأما القنوت في الفجر دائمًا وباستمرار فليس بثابت عن النبي ﷺ على الراجح من أقوال أهل العلم. قال العلامة ابن القيم: [وقنت ﷺ في الفجر بعد الركوع شهرًا ثم ترك القنوت ولم يكن من هديه ﷺ القنوت فيها دائمًا ومن المحال أن رسول الله ﷺ كان في كل غداة – أي صلاة الفجر - بعد اعتداله من الركوع يقول: (اللهم اهدني فيمن هديت وتولني فيمن توليت ... إلخ) ويرفع بذلك صوته ويؤمن عليه أصحابه دائمًا إلى أن فارق الدنيا ثم لا يكون ذلك معلومًا عند الأمة بل يضيعه أكثر أمته وجمهور أصحابه بل كلهم حتى يقول من يقول منهم: إنه محدث كما قال سعد بن طارق الأشجعي قلت لأبي: (يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ﵃ هاهنا وبالكوفة منذ خمس سنين فكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني محدث) . رواه أهل السنن وأحمد وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وذكر الدارقطني عن سعيد بن جبير قال: أشهد أني سمعت ابن عباس يقول: إن القنوت في صلاة الفجر بدعة. وذكر البيهقي عن أبي مجلز قال: صليت مع ابن عمر صلاة الصبح فلم يقنت فقلت له: لا أراك تقنت فقال: لا أحفظه عن أحد من أصحابنا. ومن المعلوم بالضرورة أن رسول الله ﷺ لو كان يقنت كل غداة ويدعو بهذا الدعاء ويؤمن الصحابة لكان نقل الأمة لذلك كلهم كنقلهم لجهره بالقراءة فيها وعددها ووقتها وإن جاز عليهم تضييع أمر القنوت منها جاز عليهم تضييع ذلك ولا فرق] زاد المعاد في هدي خير العباد ١/٢٧١-٢٧٢. وأما ما ورد أن النبي ﷺ داوم على القنوت في الفجر فليس بثابت عند أهل العلم، والحديث الوارد في ذلك وهو عن أنس ﵁ قال: (ما زال رسول الله ﷺ يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا) فهو حديث ضعيف لا تقوم به الحجة. انظر السلسلة الضعيفة ٣/٣٨٤-٣٨٨. وبناءً على ما تقدم فإن القول الفصل في هذه المسألة هو عدم المداومة على القنوت في الفجر وإنما يقنت عند النوازل والمصائب والبلايا حيث إن النبي ﷺ قنت وترك القنوت وتركه القنوت أكثر من فعله له فإنه إنما قنت عند النوازل للدعاء لقوم وللدعاء على آخرين ثم تركه لما قدم من دعا لهم وتخلصوا من الأسر وأسلم من دعا عليهم وجاءوا تائبين فكان قنوته لعارض فلما زال ترك القنوت ولم يخصه بالفجر. فالمطلوب من المسلمين أن يقنتوا حيث قنت رسول الله ﷺ ويتركوا القنوت حيث تركه وهذا هو الاقتداء المطلوب شرعًا ففعله ﷺ سنة وتركه سنة. ومع هذا لا ينبغي الإنكار على من داوم على القنوت ولا الإنكار على من تركه بل من قنت فقد أحسن وخاصة مع كثرة المصائب والكوارث التي حلت وتحل بالمسلمين في هذه الأيام ومن تركه فقد أحسن ولا يترتب على فعل القنوت أو تركه بطلان الصلاة عند القائل بمشروعية القنوت أو عدم مشروعيته من الفقهاء. انظر زاد المعاد ١/٢٧٤-٢٧٥.

6 / 53