فتاوه کبری
الفتاوى الكبرى
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م
يَكُونُ الْكُسُوفُ مُعَلَّلًا بِالْمَوْتِ، فَهُوَ نَفْيُ الْعِلَّةِ الْفَاعِلَةِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ «رِجَالٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إذْ رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ، فَقَالَ: مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالُوا: كُنَّا نَقُولُ وُلِدَ اللَّيْلَةَ عَظِيمٌ أَوْ مَاتَ عَظِيمٌ، فَقَالَ: إنَّهُ لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ إذَا قَضَى بِالْأَمْرِ تُسَبِّحُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ»، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي مُسْتَرِقَةِ السَّمْعِ، فَنَفَى النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَكُونَ الرَّمْيُ بِهَا لِأَجْلِ أَنَّهُ قَدْ وُلِدَ عَظِيمٌ أَوْ مَاتَ عَظِيمٌ، بَلْ لِأَجْلِ الشَّيَاطِينِ الْمُسْتَرِقِينَ السَّمْعَ. فَفِي كِلَا الْحَدِيثَيْنِ، أَنَّ مَوْتَ بَعْضِ النَّاسِ وَحَيَاتَهُمْ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِكُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَلَا لِلرَّمْيِ بِالنُّجُومِ وَإِنْ كَانَ مَوْتُ بَعْضِ النَّاسِ قَدْ يَقْتَضِي حُدُوثَ أَمْرٍ فِي السَّمَاوَاتِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ: «أَنَّ الْعَرْشَ عَرْشَ الرَّحْمَنِ اهْتَزَّ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» .
وَأَمَّا كَوْنُ الْكُسُوفِ وَغَيْرِهِ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِحَادِثٍ فِي الْأَرْضِ مِنْ عَذَابٍ يَقْتَضِي مَوْتًا أَوْ غَيْرَهُ، فَهَذَا قَدْ أَثْبَتَهُ الْحَدِيثُ نَفْسُهُ. وَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ لَا يُنَافِي لِكَوْنِ الْكُسُوفِ لَهُ وَقْتٌ مَحْدُودٌ يَكُونُ فِيهِ، حَيْثُ لَا يَكُونُ كُسُوفُ الشَّمْسِ إلَّا فِي آخِرِ الشَّهْرِ لَيْلَةَ السِّرَارِ، وَلَا يَكُونُ خُسُوفُ الْقَمَرِ إلَّا فِي وَسَطِ الشَّهْرِ لَيَالِي الْإِبْدَارِ، وَمَنْ ادَّعَى خِلَافَ ذَلِكَ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ أَوْ الْعَامَّةِ فَلِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْحِسَابِ، وَلِهَذَا تُمْكِنُ الْمَعْرِفَةُ بِمَا مَضَى مِنْ الْكُسُوفِ وَمَا يُسْتَقْبَلُ، كَمَا تُمْكِنُ الْمَعْرِفَةُ بِمَا مَضَى مِنْ الْأَهِلَّةِ وَمَا يُسْتَقْبَلُ، إذْ كُلُّ ذَلِكَ بِحِسَابٍ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: ﴿وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا﴾ [الأنعام: ٩٦] . ﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾ [الرحمن: ٥] . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾ [يونس: ٥] . قَالَ تَعَالَى ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٨٩] .
1 / 64