فتاوه کبری

ابن تیمیه d. 728 AH
116

فتاوه کبری

الفتاوى الكبرى

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ حِلُّ طَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَالْكَلَامُ فِي نِسَائِهِمْ كَالْكَلَامِ فِي ذَبَائِحِهِمْ، فَإِذَا ثَبَتَ حِلُّ أَحَدِهِمَا، ثَبَتَ حِلُّ الْآخَرِ، وَحِلُّ أَطْعِمَتِهِمْ لَيْسَ لَهُ مُعَارِضٌ أَصْلًا. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ تَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٥]، مَحْمُولٌ عَلَى الْفَوَاكِهِ وَالْحُبُوبِ. قِيلَ: هَذَا خَطَأٌ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذِهِ مُبَاحَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمَجُوس، فَلَيْسَ فِي تَخْصِيصِهَا بِأَهْلِ الْكِتَابِ فَائِدَةٌ. الثَّانِي: أَنَّ إضَافَةَ الطَّعَامِ إلَيْهِمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ صَارَ طَعَامًا بِفِعْلِهِمْ، وَهَذَا إنَّمَا يُسْتَحَقُّ فِي الذَّبَائِحِ الَّتِي صَارَتْ لَحْمًا بِذَكَاتِهِمْ، فَأَمَّا الْفَوَاكِهُ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا مَطْعُومَةً لَمْ تَصِرْ طَعَامًا بِفِعْلِ آدَمِيٍّ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ قَرَنَ حِلَّ الطَّعَامِ بِحِلِّ النِّسَاءِ، وَأَبَاحَ طَعَامَنَا لَهُمْ، كَمَا أَبَاحَ طَعَامَهُمْ لَنَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ حُكْمَ النِّسَاءِ مُخْتَصٌّ بِأَهْلِ الْكِتَابِ دُونَ الْمُشْرِكِينَ، كَمَا أَبَاحَ طَعَامَهُمْ لَنَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ حُكْمَ النِّسَاءِ مُخْتَصٌّ بِأَهْلِ الْكِتَابِ دُونَ الْمُشْرِكِينَ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الطَّعَامِ وَالْفَاكِهَةِ، وَالْحَبِّ لَا يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْكِتَابِ. الرَّابِعُ: أَنَّ لَفْظَ الطَّعَامِ عَامٌّ، وَتَنَاوَلَهُ اللَّحْمَ وَنَحْوَهُ أَقْوَى مِنْ تَنَاوُلِهِ لِلْفَاكِهَةِ، فَيَجِبُ إقْرَارُ اللَّفْظِ عَلَى عُمُومِهِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَرَنَ بِهِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾ [المائدة: ٥]، وَنَحْنُ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُطْعِمَهُمْ كُلَّ أَنْوَاعِ طَعَامِنَا، فَكَذَلِكَ يَحِلُّ لَنَا أَنْ نَأْكُلَ جَمِيعَ أَنْوَاعِ طَعَامِهِمْ. وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ، بَلْ بِالنَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَهْدَتْ لَهُ

1 / 163