بين أصبعين من أصابع الرحمن» . وحديث: «لحجر الأسود يمين الله في الأرض» . وقوله -تعالى-: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم) . (الحديد: الآية٤) .
فنقول: لا يصح عن الإمام أحمد ﵀ أنه تأول الحديثين المذكورين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في الفتاوى ص٣٩٨ جـ٥ من مجموع ابن قاسم: «وأما ما حكاه أبو حامد الغزالي من أن أحمد لم يتأول إلا في ثلاثة أشياء «الحجر الأسود يمين الله في الأرض» و«قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن» . و«إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن»، فهذه الحكاية كذب على أحمد، لم ينقلها أحد عنه بإسناد، ولا يعرف أحد من أصحابه نقل ذلك عنه» . أ. هـ.
وأما قوله تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم) فإن الإمام أحمد لم يتأولها، وإنما فسرها ببعض لوازمها، وهو العلم ردًا على الجهمية، الذين فسروها بخلاف المراد بها، حيث زعموا أنها تقتضي كون الله -تعالى في كل مكان بذاته - تعالي الله عن قولهم- فبين رحمة الله- تعالي- أن المعية هنا بمعنى الإحاطة بالخلق التي من جملتها العلم بهم. وذلك أن المعية لا تقتضي الحلول الاختلاط بل هي في كل موضع بحسبه، ولهذا يقال: سقاني لبنًا معه ماء. ويقال: صليت مع الجماعة. ويقال فلان معه زوجته.
ففي المثال الأول: اقتضت المزج والاختلاط، وفي المثاني اقتضت المشاركة في المكان والعمل بدون اختلاط، وفي الثالث اقتضت المصاحبة وإن لم يكن اشتراك في مكان أو عمل، وإذا تبين
1 / 70