وهذه القاعدة مأخوذة من قوله تعالى: (وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (التحريم: الآية٢) وقوله: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) (النساء: الآية٤٢) وغيرهما من الآيات الكثيرة الدالة على إثبات الحكمة لله ﷿ فيما يخلقه وفيما يشرعه أي في أحكامه الكونية، وأحكامه الشرعية، فإنه ما من شيء يخلقه الله ﷿ إلا وله حكمة، سواء كان ذلك في إيجاده، أو في إعدامه، وما من شيء يشرعه الله -تعالى- إلا لحكمة سواء كان ذلك في إيجابه، أو تحريمه، أو إباحته، لكن هذه الحكم التي يتضمنها حكمه الكوني والشرعي قد تكون معلومة لنا، وقد تكون مجهولة، وقد تكون معلومة لبعض الناس دون بعض حسب ما يؤتيهم الله ﷾ من العلم والفهم، إذا تقرر هذا فإننا نقول إن الله ﷾ خلق الجن والإنس لحكمة عظيمة وغاية حميدة، وهي عبادته ﵎ كما قال ﷾: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات: ٥٦) وقال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) . (المؤمنون: ١١٥) وقال تعالى: (أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) (القيامة: ٣٦) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن لله تعالى حكمة بالغة من خلق الجن والإنس وهي عبادته والعبادة هي: "التذلل لله ﷿ محبة وتعظيمًا بفعل أوامره، واجتناب نواهيه على الوجه الذي جاءت به شرائعه" قال الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ) (البينة: الآية٥) فهذه الحكمة من خلق الجن والإنس، وعلى هذا فمن تمرد على ربه واستكبر عن
1 / 51