النساء، فبلغ ذلك النبي ﷺ، فقال ﵊: «ما بال أقوام يقولون كذا وكذا؟ أنا أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» (١) . فهؤلاء غلوا في الدين وتبرأ منهم الرسول ﷺ، لأنهم رغبوا عن سنته ﷺ، التي فيها صوم وإفطار وقيام ونوم، وتزوج نساء.
أما المقصر: فهو الذي يقول لا حاجة لي بالتطوع فأنا لا أتطوع وآتي بالفريضة فقط، وربما أيضًا يقصر في الفرائض فهذا مقصر.
والمعتدل: هو الذي يتمشى على ما كان عليه الرسول ﷺ، وخلفاؤه الراشدون.
مثال آخر: ثلاثة رجال أمامهم رجل فاسق، أحدهم قال: أنا لا أسلم على هذا الفاسق وأهجره وأبتعد عنه ولا أكلمه.
والثاني يقول: أنا أمشي مع هذا الفاسق وأسلم عليه وأبش في وجهه وأدعوه عندي وأجيب دعوته وليس عندي إلا كرجل صالح.
والثالث يقول: هذا الفاسق أكرهه لفسقه وأحبه لإيمانه، ولا أهجره إلا حيث يكون الهجر سببًا لإصلاحه، فإن لم يكن الهجر سببًا لإصلاحه بل كان سببًا لازدياده في فسقه فأنا لا أهجره.
فنقول الأول مفرط غالٍ -من الغلو- والثاني مفرط مقصر، والثالث متوسط.
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب الأدب باب من لم يواجه الناس بالعتاب (٦١٠١)، ومسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه (١٤٠١) .
1 / 27