يجب علينا أن لا نحاول بقلوبنا تصورًا، ولا بألسنتنا نطقًا أن نكيف تلك اليدين، ولا أن نمثلهما بأيدي المخلوقين، لأن الله ﷾ يقول: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى: الآية١١) ويقول الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثم وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (لأعراف: ٣٣) . ويقول ﷿: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا) (الإسراء: ٣٦) . فمن مثل هاتين اليدين بأيدي المخلوقين فقد كذب قول الله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌُ) . (الشورى: الآية١١) وقد عصى الله تعالى في قوله: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ) (النحل: الآية٧٤) ومن كيفهما وقال هما على كيفية معينة أيًا كانت هذه الكيفية، فقد قال على الله ما لا يعلم، وقفى ما ليس له به علم.
ونضرب مثالًا ثانيًا في الصفات: وهو استواء الله على عرشه فإن الله تعالى أثبت لنفسه أنه استوى على العرش في سبعة مواضع من كتابه كلها بلفظ (استوى) وبلفظ (على العرش) وإذا رجعنا إلى الاستواء في اللغة العربية وجدناه إذا عدي بعلى لا يقتضي إلا الارتفاع والعلو، فيكون معنى قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) . (طه: ٥) . وأمثالها من الآيات. أنه علا على عرشه علوًا خاصًا، غير العلو العام على جميع الأكوان، وهذا العلو ثابت لله تعالى على وجه الحقيقة، فهو عالٍ على عرشه علوًا يليق به ﷿ لا يشبه علو الإنسان على السرير، ولا علوه على
1 / 15