156

فتاوی السبکی

فتاوى السبكي

خپرندوی

دار المعارف

عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي رَمَضَانَ يَقُومُ الرَّجُلُ وَالنَّفَرُ كَذَلِكَ هَهُنَا وَالنَّفَرُ وَالرَّجُلُ فَكَانَ عُمَرُ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى قَارِئٍ. وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ «عَنْ النَّبِيِّ ﷺ ذَكَرَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: شَهْرٌ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ وَسَنَنْت لَكُمْ قِيَامَهُ»، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ وَإِنْ كَانَ النَّسَائِيُّ تَكَلَّمَ فِي الطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَأَمَّا طَرِيقُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ قَالَ: خَرَجْت مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْت هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَفِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ يَعْنِي أَوَّلَ اللَّيْلِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَسُنَّ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَسُنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْهَا إلَّا مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ الْمُوَاظَبَةِ إلَّا خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفًا رَحِيمًا ﷺ فَلَمَّا عَلِمَ عُمَرُ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَلِمَ أَنَّ الْفَرَائِضَ لَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يَنْقُصُ بَعْدَ مَوْتِهِ ﷺ أَقَامَهَا لِلنَّاسِ وَأَحْيَاهَا وَأَمَرَ بِهَا وَذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ وَذَلِكَ شَيْءٌ ذَخَرَهُ اللَّهُ وَفَضَّلَهُ بِهِ وَلَمْ يُلْهِمْهُ أَبَا بَكْرٍ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ وَأَشَدَّ سَبْقًا إلَى كُلِّ خَيْرٍ بِالْجُمْلَةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَضَائِلُ خُصَّ بِهَا لَيْسَتْ لِصَاحِبِهِ وَكَانَ عَلِيٌّ يَسْتَحْسِنُ مَا فَعَلَ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ وَيُفَضِّلُهُ وَيَقُولُ: نُورُ شَهْرِ الصَّوْمِ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» . انْتَهَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هُنَا. وَقَدْ قَالَ ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي عُضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» وَلَا شَكَّ أَنَّ عُمَرَ مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَسُنَّةُ التَّرَاوِيحِ ثَابِتَةٌ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ثَلَاثَ لَيَالٍ أَوْ أَكْثَرَ وَجَمْعِ النَّاسِ لَهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ لَهَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي حَيَاتِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ إلَيْهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَتَصْوِيبِ النَّبِيِّ ﷺ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَرْغِيبِهِ ﷺ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَاسْتِمْرَارِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ ﷺ وَزَمَنَ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ أَفْرَادًا وَجَمَاعَاتٍ أَوْزَاعًا وَجَمْعِ عُمَرَ

1 / 158