د قیروان نجلۍ

جرجي زيدان d. 1331 AH
180

د قیروان نجلۍ

فتاة القيروان

ژانرونه

قضى الحسين ليلته وهو يفكر في لمياء وأين هي، وتذكر قولها يوم وداعه أنها ستلاقيه في الفسطاط وتصور تحمسها ووثوقها بالظفر من ذلك الحين. فاختلج قلبه وأحس بشوق إلى رؤيتها أو معرفة خبرها ولم يكن نسيها من قبل لكنه تذكرها على الخصوص في ذلك اليوم.

مضت أيام ولم ترجع لمياء بالجواب من جوهر فقلقت بنت الإخشيد وهي في كل يوم يترجح عندها النصر للفاطميين فأصبحت تخاف على حياتها وإنما طمأنها كون الحسين بن جوهر أسيرا عندها تحتمي به عند الحاجة ولما اشتد قلقها بعثت إليه فجاءها فسألته عما يراه من أمر تلك الحرب.

فقال: «لا ريب عندي بفوز جندنا يا سيدتي.»

قالت: «عجبا ... كيف تؤكد ذلك؟»

قال: «لأننا متحدون قلبا وقالبا في خدمة أمير المؤمنين نساء ورجالا ليس فينا إلا من يفدي أمير المؤمنين بروحه فهل أنتم كذلك؟»

فقالت وقد غلبت على عواطفها «لا يا بني ... لسنا كذلك لسوء الحظ ...» وغصت بريقها.

قال: أما نحن فإن أحدنا لا هم له إلا التفاني في نصرة الخليفة. أضرب لك مثلا عن ذلك فتاة خطبتها في القيروان وجاء ذكر الحملة على مصر فأبت أن يتم الاقتران إلا في الفسطاط بعد فتحها. ثم هي هجرت بيتها وسافرت في خدمة مصلحة الدولة تمهيدا لهذا النصر لا يعلم أحد أين هي. ولا أنسى قولها ساعة الوداع: «سنلتقي في الفسطاط في قصر مولاي المعز لدين الله على ضفاف النيل. ذلك هو مقدار وثوقها بالنصر والجند لم يتحرك من القيروان. واعترف لك يا سيدتي أني أعتقد صحة قولها وإن ذلك لا بد من إتمامه.»

فاستغربت بنت الإخشيد قوله وقالت: «لله درها من فتاة نادرة المثال وأين هي الآن؟ وكيف قلبك عليها؟»

قال: «قلبي على مثل الجمر ولكنني أثق أننا سنلتقي هنا.»

قالت: «يظهر أن نساء بلادكم أقوى من نساء بلادنا وأشد حماسة؛ فإني عرفت جارية مغربية أهداها إلي يعقوب بن كلس بالأمس لم تر عيني أعقل منها ولا أطيب من قلبها، وهي مع ذلك شجاعة باسلة لا تبالي بارتكاب الأخطار وقد قالت إنها تعرفك وتعرف أباك والخليفة وتعرف أيضا الأميرين السجلماسيين اللذين حملاك إلينا أسيرا.»

ناپیژندل شوی مخ