قالت: «أعرفه بالاختبار؛ لأني من بلاد المغرب - كما تعلمين - وكان سيدي الأول له علاقة كبيرة بأهل القيروان وتعرف إلى المعز وقائده، وكثيرا ما سمعتهم يتحدثون وعرفت طباعهم، إنهم أقرب إلى الخير من هؤلاء الأجناد و...»
فقطعت كلامها قائلة: «هل تعرفين المعز وقائده؟»
قالت: «نعم يا سيدتي أعرفهما معرفة جيدة وهما يعرفانني أيضا.»
فضحكت من السرور بهذه البشارة وأحست بنفوذ تلك الفتاة وأحبت أن تقول شيئا فمنعها الحياء وحالت دونه الأنفة فأدركت لمياء غرضها فبادرتها قائلة: «انظري يا مولاتي ... إن ما لقيته من لطفك ومحبتك يوجب علي أن أغار على مصلحتك، فإذا أذنت لي أقول كلمة.»
قالت: «قولي.»
قالت: «إنكم الآن في حرب مع المغاربة وسمعت الآن أن ابن الفرات ساع في الصلح فإذا وفق إليه كوني على ثقة أنك تكونين معززة مكرمة، فإني أعرف أم الأمراء زوج المعز، وهي من ألطف خلق الله وتحبني حبا جما. فأنا ضامنة كرامتك. وإذا لم يفلح ابن الفرات بالصلح وجرت حرب فإذا فاز المصريون فأنت صاحبة السيادة طبعا. وإذا غلبوا على أمرهم فأنا أفديك بروحي وأكون وسيلة لحفظ كرامتك وأموالك، كوني براحة.»
ففرحت بنت الإخشيد بهذا الوعد، ولكنها أحست بصغر النفس وندمت على تصريحها بما قالته وخافت أن تستضعفها لمياء أو تحتقرها فقالت: «ولكن الفوز مع ذلك راجح لنا بإذن الله.»
فقالت لمياء: «إن النصر من عند الله يؤتيه من يشاء ... لكني قلت لك ما أستطيع أن أخدمك به والأمر لله.»
فضمتها بنت الإخشيد إلى صدرها وقالت: «إني أشكرك يا عزيزتي في كل حال ...»
الفصل السادس والستون
ناپیژندل شوی مخ