فأجاب: «نعم إنكم تمالئونهم ألم يكن الوزير جعفر سيدكم ونصير أميركم وهو الآن يخابر الأعداء في طلب التسليم ...»
فضحك ضحكة اغتصابية وقال: «إنه يفعل ذلك برأينا ... ومع ذلك فقد أحسن صنعا ... إن دولتكم قد شاخت وإذا أنكرتم ذلك هلم إلى العدو وحاربوه وأخرجوه.»
فحمي غضب الإخشيدية وصاحوا بصوت واحد: «إننا لا نقبل هذه الإهانة وخصوصا بين يدي مولاتنا ومولاتكم.» وتقدم أحدهم ويده على قبضة حسامه وقال: «والله لولا حرمة هذا المكان لضربت أعناقكم بهذا الحسام وألحقتكم بأميركم العبد الأسود الذي تفاخروننا به ... صدق فيه المتنبي (إشارة إلى هجوه إياه).»
فتصدى رجل من الكافورية واستل حسامه وقال: «ويحك تطعن في الأموات ... إنها وقاحة لم يكن لمولاتنا بنت الإخشيد أن تسكت عنها.»
وعلت الضوضاء فصفقت بنت الإخشيد وصاحت: «ويحكم ما هذا؟ تتشاتمون في حضرتي! وأغرب من ذلك أن نسمع الطعن في أسلافنا بأذننا هذا أمر لا نرضاه وليس هذا وقت الخصام والعدو بالباب ... وأنتم يا أصحاب كافور إن كافورا كان خادما أمينا - رحمه الله - فما بالكم تفاخروننا به أما إمارته فقد كانت فلتة انتحلها لنفسه أو انتحلها له بعض أصحاب الأغراض، وزعم أن الخلعة أتته من بغداد ... ما لنا ولهذا الآن إنه خصام في غير أوانه ...»
فوقف الكافورية جميعا، وقال كبيرهم: «أما وقد سمعنا هذه الإهانة من فم مولاتنا فلم يبق لنا إلا أن نخرج ونترك الأمر لأصحابه وولاة أمره.»
قالوا ذلك وانسحبوا بعجلة والغضب باد في كل حركة من حركاتهم.
وكانت لمياء في أثناء ذلك لا تزداد إلا وثوقا بنجاح جند المعز. فقد رأت بعينها وسمعت بأذنيها اختلال أمور الدولة وانقسام قوادها وتباغضهم مما لا سبيل إلى إصلاحه.
فلما خرج الكافورية التفتت بنت الإخشيد إلى لمياء كأنها تستشهدها على هذه الوقاحة، وقالت: «أرأيت أجهل من هؤلاء ... ويلاه كيف نحارب الأعداء ... إننا لا نقوى على حربهم ...»
فاستبشرت لمياء بالفوز وقالت: «يسوئني يا سيدتي أن تكوني قد نطقت بالصواب وعسى أن تكوني مخطئة.»
ناپیژندل شوی مخ