قال: «لا ... لكنني استبطأته، ولعله لم يشأ أن يأتيني؛ لئلا يشغل ذهني بأمور الدولة ففضل لي الراحة ... لا بأس من ذلك.»
وهم يعقوب أن يجيبه فرأى الحاجب دخل ووقف في المكان الذي يقف فيه إذا كان آتيا بخبر، فقال له كافور «ما وراءك؟»
قال: «إن أبا حامد بالباب يا سيدي.»
فلما سمعت لمياء اسمه أجفلت وتسارعت دقات قلبها حتى كاد ذلك يظهر عليها، ولحظ يعقوب اضطرابها فأومأ إليها تتجلد. ولم يكن أسرع منها إلى التجلد؛ لما فطرت عليه من قوة النفس ورباطه الجأش. فانزوت وراء عمود القبة والمذبة بيدها بحيث لا يظهر وجهها ولا ينتبه لها أحد. وكان كافور يستأنس بالطبيب لما في كلامه من الذكاء وما يبسطه بين يديه من الآمال فقال له: «هل ندخل هذا الرجل علينا الآن ... هل ترى بأسا من ذلك؟ إنه طلي الحديث حاد الذهن ولا يختار من الأحاديث إلا ما يسرنا، وكلما زدناه اهتماما بسماع حديثه زادنا مغالاة في غرائبه، لا بأس به ... إنه لطيف المعشر.»
فقال الطبيب «إنك يا مولاي في حاجة إلى من يؤانسك بالأحاديث اللذيذة المفرحة فإذا كنت تجد في حديثه شيئا من ذلك فادعه ...»
ونظر كافور إلى يعقوب كأنه يستشيره فقال: «إذا شاء مولاي أن يدخله فليشترط عليه أن يقص علينا نحو ما قصه مرة من الأخبار المفرحة.»
قال: «لكنه قصها علينا سرا ...»
فتصدى الطبيب للكلام قائلا: «أما أنا فإذا كان وجودي مانعا من سماع الأخبار المفرحة فإني منصرف»، وتحفز للانصراف.
فأشار إليه كافور بكلتا يديه أن يبقى، وقال: «إذا استغنيت عن رجال الدولة جميعا لا أستغني عنك. ولا أرى بعد ما رأيته من صدق مودتك وعظيم فضلك أن أخفي عنك سرا كهذا. فليدخل الرجل ويقص ما يقصه وأنت حاضر ولنفرح معا إذا كان فيه ما يفرح»، وأشار إلى الغلام أن يدخله.
فقال الغلام «أدخله وحده، أو مع رفيقه؟»
ناپیژندل شوی مخ