199

غسان خورې

فتاة غسان

ژانرونه

جبلة

وفيما هم في مثل هذه الأحاديث آنسوا في أهل القصر حركة واهتماما ثم جاءهم مخبر ينبئهم بمن جاء يبشر بقدوم الملك جبلة إلى الصرح فبغت الجميع لقدومه على غير انتظار ونهضوا يطلبون القصر ينتظرون قدوم الملك.

فمشوا صامتين كل منهم يفكر في أمر وكان حماد أكثرهم بغتة واهتماما لأنها أول مرة سيقابل بها جبلة بعد عودته فخاف أن يكون فشله في البحث عن القرطين سببا في فتور محبته له وأما هند فكانت تتوقع من والدها حنوا إلى حماد بناء على ما سمعته من والدتها وأما سعدى فلم تستغرب قدومه لأنها هي التي أنفذت إليه رسولا بالأمس يخبره بمجيء حماد وأنه سيزورهم في ذلك النهار فإذا استطاع المجيء فعل.

فوصلوا القصر ودخلوا قاعة الجلوس وما استقر بهم المقام حتى نودي في القصر بمجيء الملك فخرج أهله لاستقباله وخرج حماد وهند ووالدتها إلى الحديقة.

وكانت الفرسان قد وصلت فتحول جبلة عن جواده وعليه لباس السفر من العباءة والكوفية وقد تقلد الحسام ومشي يلتفت ذات اليمين وذات الشمال يبحث عن حماد حتى إذا وقع نظره عليه دنا منه فتقدم حماد وهو يقدم قدما ويؤخر أخرى ليرى ما يبدو منه. أما جبلة فأسرع إليه وسلم عليه مصافحة وقبله قبلة الوالد لولده والناس ينظرون. وكانت هند تراقب حركات والدها فلما رأت منه ذلك رقص قلبها طربا وتناثرت دموع الفرح من عينيها وكذلك والدتها أما حماد فأنه قبل يدي عمه وقد تحقق رضاءه عنه. فقال له جبلة: «أهلا بولدي وعزيزي نحمد الله على عودتك سالما».

فأجابه حماد (وملامح الامتنان ظاهرة على وجهه): «له الحمد على كل حال ولكنني أحمده لنعمه علي برضا ملك غسان فأنها نعم لا أقدر على تقديرها يا عماه».

ثم تحول جبلة نحو هند فقبلت يده وقبلها وحماد ينظر فتحركت فيه عاطفة الغيرة عليها حتى من والدها ثم حيا سعدى ومشى الجميع نحو القاعة وعينا حماد على هند كأنه يريد أن يلتقفها بنظرة وقد شق عليه مفارقتها بعد أن تقرر له الحصول عليها.

وكان سلمان في جملة أهل القصر الوقوف في انتظار جبلة ولم يشأ دخول الحديقة على حماد عند أول مجيئه مراعاة لما قد يدور بين الحبيبين من عبارات العتاب مما لا يهون التفوه به أمام أحد.

ودخل جبلة وسعدى وهند وحماد القاعة فسأل حماد عن سلمان فجاء فدعاه للجلوس هناك فتوقف توقيرا للجلسة فنهض حماد وأمسكه بيده وقدمه إلى الملك قائلا: «أقدم لكم يا عماه رفيقي وصديقي سلمان فأنه كان معتمدي في أسفاري وهو محب غيور للملك جبلة وسائر آل منزله».

فرحب به جبلة وأمره بالجلوس فجلس والجميع جلوس ثم التفت جبلة إلى حماد وسأله عن والده فقال: «إني تركته في دير بحيراء على أن يحظى بمقابلة مولاي في فرصة أخرى».

ناپیژندل شوی مخ