197

غسان خورې

فتاة غسان

ژانرونه

وفيما هما في ذلك سمعتا صوت صهيل عرفت هند حالا أنه صهيل جواد حماد فخفق قلبها فنظرت إليها سعدى متجاهلة فإذا هي قد بغتت وهمت بالرجوع.

فقالت لها: «دعينا هنا فأنه لا يلبث أن يأتى فنراه» وقد أرادت سعدى أن يكون الملتقى على انفراد مخافة أن يحدث في أثناء ذلك الاجتماع ما لا يستحسن اطلاع أهل القصر عليه.

فسكتت هند ولكنها ما فتئت تنظر من خلال الأشجار نحو باب الحديقة تنتظر مجيء حماد بفارغ الصبر ولم تمض هنيهة حتى رأته قادما وعلى رأسه الكوفية والعقال وقد تقلد الحسام تحت عباءة حريرية مزركشة بالقصب فلما وقع نظرها عليه زاد خفقان قلبها واصفر وجهها ثم ما لبثت أن علته الحمرة وظلت واقفة. أما والدتها فتقدمت حتى التقت بحماد فسلمت عليه فهم بتقبيل يدها احتراما فمنعته وهند لا تزال واقفة وقلبها يحدثها بالمسير نحوه ولكن الحشمة والحياء منعاها.

أما هو فأسرع نحوها ومد يده مسلما ووجهه يطفح سرورا وعيناه شاخصتان إليها تتقدان ذكاء وهياما.

فمدت يدها وهي تنظر إلى الأرض خجلا ولكن الابتسام غلب عليها ولما أمسكت يده شعرت بقوة انبثت في كل أعضائها ثم توردت وجنتاها وأبرقت أسرتها كأن تلك القوة مجرى كهربائى انتشر في أعضائها ثم انحصر في وجهها فأضاء. فقال حماد: «كيف أنت يا هند لقد أطلت الغيبة عليكم ولكنني عدت مع ذلك بخفي حنين».

فغلب عليها الحياء ولكنها نظرت إليه بعينين براقتين تنبعث أشعة الهيام منها وقالت لا حاجة بنا إلى الخفين ولا القرطين وإنما حاجتنا إلى عودتك سالما فالحمد لله على ذلك. قالت ذلك ودموع الفرح تتناثر من عينيها وهي تبتسم فأرادت إخفاء دموعها فتحولت نحو شجرة بالقرب منها تحتها مقعد من حجر للجلوس وتحول حماد وسعدى والكل سكوت ولكن قلبي العاشقين يتكلمان أو لعلهما يضحكان فقط ولو تركا على انفراد لانطلق لساناهما وتعاتبا وتغازلا ولكن وجود سعدى حملهما على الاكتفاء بحديث القلبين.

ولما استقر بهم الجلوس قالت سعدى: «لقد أطلت الغيبة علينا فانشغل بالنا كثيرا ولما سمعنا حكاية سفركم من سلمان حمدنا الله على عودتك سالما بعدما قاسيته من الخطر».

قال: «لا يهمني من أمر سفرتي هذه شيء ولا أحسبني أتيت أمرا ولا تحملت شقاء طالما كان سفري عقيما وإن يكن ذلك لغير قصور مني لأن السبب فقدان القرطين من الكعبة أثناء هدمها وبنائها أما أنا فاني عازم على مواصلة البحث عنهما في العراق أو غيرها حتى أتي بهما».

فابتدرته هند قائلة: «لا لا لا حاجة بنا إلى الأقراط فإن عندنا من فضل المولى ما يكفينا مؤونة هذه الأسفار».

قال: «وماذا يقول الناس عني وقد عدت صفر اليدين أليس عارا على حماد أن يرجع خائبا عن أمر طلبته هند!!» قال ذلك وعيناه تنظران إلى هند ويكاد النور ينبثق منهما.

ناپیژندل شوی مخ