وأبوا إلا التمادي على ضلالهم، ومعاندتهم لأهل السنة متمسكين - هم ومن قبلهم من أهل البدع - بمتشابه من الكتاب والسنة.
ومع هذه الأمور الهائلة فيهم لم يكفروهم أهل السنة، ولا سلكوا مسلككم فيمن خالفكم، ولا شهدوا عليهم بالكفر، ولا جعلوا بلادهم بلاد حرب، بل جعلوا الأخوة الايمانية ثابتة لهم ولمن قبلهم من أهل البدع.
ولا قالوا لهم: كفرتم بالله ورسوله، لأنا بينا لكم الحق، فيجب عليكم اتباعنا، لأنا بمنزلة الرسول، من خطأنا فهو عدو الله ورسوله.
كما هو قولكم اليوم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فصل [الجهمية ودعاواهم] ثم حدث بعد هؤلاء، الجهمية الفرعونية الذين يقولون: ليس على العرش إله يعبد، ولا لله في الأرض من كلام، ولا عرج بمحمد صلى الله عليه وسلم لربه، وينكرون صفات الله سبحانه التي أثبتها لنفسه في كتابه، وأثبتها رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجمع على القول بها الصحابة فمن بعدهم، وينكرون رؤية الله سبحانه في الآخرة، ومن وصف الله سبحانه بما وصف به نفسه، ووصف به رسوله صلى الله عليه وسلم فهو عندهم كافر، إلى غير ذلك من أقوالهم وأفعالهم التي هي غاية الكفر، حتى أن أهل العلم سموهم الفرعونية، تشبيها لهم بفرعون، حيث أنكر الله سبحانه.
ومع ذا، فرد عليهم الأئمة، وبينوا بدعتهم، وضلالهم، وبدعوهم، وفسقوهم، وجعلوهم أكفر ممن قبلهم من أهل البدع، وأقل تشبثا بالشرعيات، وقالوا عنهم:
إنهم قدموا عقولهم على الشرعيات، وأمر أهل العلم بقتل بعض دعاتهم، كالجعد
مخ ۵۲