فرقة أنكرت القدر رأسا، وقالوا: إن الله لم يقدر المعاصي على أهلها، ولا هو يقدر ذلك، ولا يهدي الضال، ولا هو يقدر على ذلك.
والمسلم عندهم هو الذي جعل نفسه مسلما، وهو الذي جعل نفسه مصليا، وكذلك سائر الطاعات والمعاصي، بل العبد هو الذي خلقها بنفسه، وجعلوا العبد خالقا مع الله، والله سبحانه - عندهم - لا يقدر أن يهدي أحدا، ولا يقدر [أن] يضل أحدا.
إلى غير ذلك من أقوالهم الكفرية، تعالى الله عما يقول أشباه المجوس علوا كبيرا.
الفرقة الثانية من القدرية: من قابل هؤلاء، وزعم أن الله جبر الخلق على ما عملوا، وأن الكفر والمعاصي في الخلق كالبياض والسواد في خلق الآدمي، ما للمخلوق في ذلك صنع، بل جميع المعاصي عندهم تضاف لله، وإمامهم في ذلك إبليس حيث قال: {فبما أغويتني} (1) وكذلك المشركون الذين قالوا: {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا} (2).
إلى غير ذلك من قبائحهم وكفرياتهم التي ذكرها عنهم أهل العلم في كتبهم، كالشيخ تقي الدين وابن القيم.
ومع هذا الكفر العظيم والضلالة، خرج أوائل هؤلاء في زمن الصحابة رضي الله عنهم كابن عمر، وابن عباس، وأجلاء التابعين، وقاموا في وجوه هؤلاء، وبينوا ضلالهم من الكتاب والسنة، وتبرأ منهم من عندهم من الصحابة رضي الله عنهم، وكذلك التابعون، وصاحوا بهم من كل فج.
ومع هذا الكفر العظيم الهائل لم يكفرهم الصحابة، ولا من بعدهم من أئمة أهل
مخ ۴۹