فصل خطاب
فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية (المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية)
خپرندوی
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢١هـ
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
عقائد او مذهبونه
قالوا: فاكتُبْ لنا عليكَ بِذلِكَ كِتابا، فَدَعا بالصَّحيفةِ، وَدَعَا عَلِيّا لِيَكْتُبَ- ونحنُ قُعود في ناحِيةٍ - إذْ نزلَ جبْريلُ بهذِه الآية: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ﴾ [الأنعام: ٥٢] إلخ، ثُمَّ دَعانا، فَأتَيْناهُ وهو يقول: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [الأنعام: ٥٤] فَكُنَّا نَقْعُدُ مَعَهُ، فإذا أرادَ أنْ يقومَ قامَ وَتَرَكَنَا، فأنزلَ الله تَعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: ٢٨] فكان رسولُ الله ﷺ يقعدُ معنا، فإذا بلغَ السَّاعَةَ التي يقومُ فيها قمنا وَتَرَكْناه حَتّىَ يقومَ» . وَأَخْرَجَ ابنُ المُنذِرِ وغيرهُ عن عكرمة قالَ: "مَشَى عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنا رَبيعَةَ وَقُرَظَةُ بنُ عبدِ عَمرِو بنِ نَوْفَل، والحارثُ بنُ عامِرِ بن نَوفَلَ، وَمُطْعمُ بنُ عَدِيٍّ في أشرافِ الكُفَّارِ مِن عَبدِ مَنافٍ إلى أبي طالبٍ، فقالوا: لو أنَّ ابنَ أخيكَ طَرَدَ عَنَّا هؤلاءِ الأعْبُدَ والحُلَفاءَ، كان أعظمَ له في صُدورِنا، وأطوعَ له عِنْدَنا، وأدنى لاتِّباعِنا إيَّاه وتَصْديقه، فَذَكَرَ ذَلِكَ أبو طالبٍ للنَّبِيِّ ﷺ، فَقال عُمَرُ بنُ الخطَّابِ: لَوْ فعلتَ يا رسولَ الله حَتّى ننظُرَ ما يُريدونَ بقولهم، وما يَصيرونَ إليه مِن أمرِهم، فأنزلَ الله سُبْحانَه: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ﴾ [الأنعام: ٥١] إلى قوله سُبحانه: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ [الأنعام: ٥٣] وكانوا بِلالا وعَمَّارَ بنَ ياسِرٍ وسالِمًا مولى حُذَيْفَةَ وَصبيحًا مولى أسيد، والحُلفاءُ: ابنُ مسعودٍ والمِقدادُ بنُ عمرو وواقدُ بنُ عبدِ اللهِ الحَنْظَليُّ وعمرُو بنُ عبدِ عمرٍو ومَرْثَدُ بنُ أبي مَرْثَدٍ وأشباهُهُم، وَنَزلَ في أئِمَّةِ الكُفرِ مِن قُريشٍ والمَوالي والحلفاء: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ﴾ [الأنعام: ٥٣] فَلَمَّا نَزَلَت أقبلَ عُمَرُ، فاعْتَذَرَ من مَقالتِه، فَأنْزَلَ اللهُ تَعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا﴾ [الأنعام: ٥٤] وقولُه ﴿مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٥٢] جملة مُعترَضَة بَين النَّهي وجوابِهِ، تقريرا له، ودَفعا لما عَسى أنْ يتوهَّمَ كونُهُ مُسَوغا لطردِ المُتَّقينَ من أقاويلِ الطَّاعنينَ في دينهم، كَدأْبِ قومِ نوحٍ حيثُ قالوا: ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ [هود: ٢٧] والمعنى: ما عليك شيءٌ ما مِن حساب إيمانِهم وأعمالِهم الباطنةِ، كما يقولُه المشركونَ، حَتّىَ تَتَصَدَّى لَهُ، وَتَبْني على
2 / 296