85

فصل خطاب

فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية (المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية)

خپرندوی

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢١هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

تنتَفِعونَ بموافقتِهم واتِّباعِهم، كما قال ﷺ: «يا مَعْشَرَ قُريشٍ، إنَّ أوْلى النّاسِ بالنّبيِّ المُتّقَونَ، فَكونوا بِسَبيلٍ مِن ذَلِكَ فانظُروا أنْ لا يَلقاني النّاسُ يَحْمِلون الأعمالَ، وتَلْقَوني بالدُنيا، فَأصُدَّ عنكم بوجْهي» . وهذا الحديثُ بمعنى قوله تَعالى [الحجرات: ١٣]: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: ١٣] ومَعْنى قوله: ﴿وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: ١٣٤] لا تُؤاخَذونَ بِسَيئاتِهم، كما لا تُثابونَ بحسناتِهم. وهذه الخَصلةُ موجودة اليومَ في كثيرٍ مِن المسلمينَ، ورأسُ مالِهِم الافتخارُ بالآباءِ، فَمِنهم مَن يقولُ: أنا مِن ذُرِّيّة عبدِ القادرِ الجيلانيِّ، ومِنهم مَن يقولُ: أنا مِن ذُرية أحمدَ الرِّفاعيِّ، ومِنهم مَن يقولُ: أنا بكريٌّ، ومنهم من يقول: أنا عُمَريّ، ومنهم من يقول: أنا عَلَويّ أو حَسَنِيٌّ أو حُسَينيّ، ولا فضيلةَ لهم ولا تَقْوى، وكلُّ ذلك لا ينفعُهم ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ - إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: ٨٨ - ٨٩] ورسول الله ﷺ يقول لفاطمة: «يا فاطمةُ بنتَ محمَّدٍ، لا أغني عنكِ مِن الله شَيْئًا» وما قَصَدَ أولَئك المُفْتَخِرينَ بآبائِهِم- وهم عارونَ عن كُلِّ فضيلةٍ - إلا أكل أموالِ النَّاسِ بالباطلِ، وفي المثل: "كُنْ عِصاميًّا، وَلا تكنْ عِظاميًّا". إنَّ الفَتَى مَن يقولُ ها أنا ذا ... لَيْسَ الفَتَى مَنْ يقولُ كانَ أبي ولِلَّهِ دَرُّ مَن قال يَرُدُّ على المفتخِرِ بِذَلِكَ: أقولُ لِمَن غَدا في كُلِّ يومٍ ... يُباهينا بأسلافٍ عِظامِ أتَقْنَعُ بالعِظامِ وأنتَ تَدْري ... بأنَّ الكَلبَ يَقْنَعُ بالعِظام وقال آخَرُ: وما الفَخْرُ بالعَظْمِ الرَّميمِ وإنَّما ... فخارُ الذي يَبْغي الفَخار بِنَفْسِهِ [الافتخار بالصنائع] الافتخار بالصنائع (الثامنة والثمانون): الافْتِخارُ بِالصَّنائِعِ، كَما افْتَخَرَ أهلُ الرحلتينِ على أهلِ الحَرْثِ. يُريدُ بِالرِّحلَتَينِ: رِحْلَةَ الشِّتاءِ إلى اليَمَنِ، وَرِحْلَةَ الصَّيْفِ إلى الشَّامِ، وَهِي

2 / 292