83

فصل خطاب

فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية (المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية)

خپرندوی

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢١هـ

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

شَيْءٌ مِن كِبر الجاهلية»، فَألقَى أبو ذرٍّ خَدَّهُ على التُّرابِ، ثُمَّ قالَ: "لا أرفَعُ خَدِّي حَتَّى يطأ بلالٌ خَدِّي بِقَدَمِهِ ". والنَّاسُ اليومَ- والأمرُ لِلَّهِ- قد كَثرُت فيهم خصالُ الجاهِلِيَّةِ، فَترَاهم يُعَيِّرونَ أهلَ البلدِ كلَّهم بِما صَدَر عن واحدٍ مِنهم، فأينَ ذلكَ مِن خصالِ الجاهِلِيَّةِ؟ [الافتخار بولاية البيت] الافتخار بولاية البيت (السادسة والثمانون): الافْتخار بِولايَةِ البيتِ. فَذَمَّهم الله تَعالى بقولِهِ: ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٧] وهذه الآية في [سورة المؤمنين: ٦٦- ٦٧] وهي بتمامِها قولُه تَعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ - مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٦ - ٦٧] وَمَعْنى الآية على ما في التَّفسيرِ: ﴿قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ [المؤمنون: ٦٦] تعليلٌ لقوله قَبلُ [٦٥]: ﴿لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٥] أي: دَعوا الصُّراخَ، فإنّه لا يمنعكم منَّا، وَلا يَنفعُكم عِندنا، فقدِ ارْتكَبْتُم أمرًا عظيما، وإثما كبيرا، وهو التكذيبُ بالآياتِ، فلا يدفعُه الصُّراخ، فكنتم عند تلاوتِها: ﴿عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٦] أيْ: مُعرِضونَ عن سماعِها أشدَّ الإِعراضِ، فَضْلا عن تصديقِها والعملِ بها، والنُّكُوصُ: الرُّجوعُ، والأعقابُ: جمعُ عَقِبِ وهو مُؤَخَّرُ الرِّجْلِ، ورجوعُ الشَّخصِ على عَقبِهِ: رجوعُه في طريق الأوَّلِ، كما يقال: رَجَعَ عَوْدَه على بَدْئِه. ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ﴾ [المؤمنون: ٦٧] أي: بالبيتِ الحرامِ، والباءُ لِلسَّبَبِيّة وسُوغ بهذا الإِضمارُ، مَعَ أنَّه لم يَجْرِ ذِكرُ اشتهار استبكارِهِم، وافتخارِهِم بأنَّهم خُدَّامُ البيتِ وقُوَّامُهُ. ﴿سَامِرًا﴾ [المؤمنون: ٦٧] أيْ: تسمرونَ بذكرِ القرآنِ والطَّعنِ فيه، وذلكَ أنَّهم كانوا يَجتمعون حول البيتِ يَسْمُرونَ، وكانت عامَّةُ سَمرِهم ذكرَ القرآنِ وتسميتَه سِحْرا أو شعرا ﴿تَهْجُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٧] من الهجر- فتح فسكون - بمعنى القطع والترك، والجملة في موضع الحالِ، أيْ: تاركيِنَ الحَقَّ والقرآنَ أو النَّبِيَّ ﷺ عَلى تقديرِ عودِ الضميرِ (بِه) له، وجاءَ الهَجْرُ بمعنى الهَذَيانِ، وَجوِّزَ أنْ يكون المَعْنى عليه، أي. تَهْذونَ في شأنِ القرآنِ أو النَّبِيِّ ﷺ أو أصحابه، أو ما يعُمُّ جميعَ ذَلكَ، وَيجوزُ أنْ يكون

2 / 290