Fasl al-Khitab fi al-Zuhd wa al-Raqa'iq wa al-Adab

Mohamed Nasr El-Din Mohamed Ouida d. Unknown
92

Fasl al-Khitab fi al-Zuhd wa al-Raqa'iq wa al-Adab

فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب

ژانرونه

(يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) [غافر: ٣٩، ٤٠] ولهذا فقد أمرنا بالتنافس في طلب الآخرة وفي العمل الصالح، ونهينا عن التنافس في الدنيا. قال: ابن عباس ﵄: (يؤتى بالدنيا يوم القيامة على صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها بادية مشوهة الخلقة، لا يراها أحد إلا كرهها فتشرف على الخلائق فيقال لهم: أتعرفون هذه؟ هذه التي تفاخرتم وتحاربتم عليها ثم يؤمر بها إلى النار، فتقول: يا رب أين أتباعي وأحبابي وأصحابي فيلحقونها). وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: ومن يذق الدنيا فإني طعمتها ... وسيق إلينا عذبها وعذابها فلم أرها إلا غرورًا وباطلًا ... كما لاح في ظهر الفلاة سرابها وما هي إلا جيفة مستحيلة ... عليها كلاب همهن اجتذابها فإن تجتنبها كنت سلمًا لأهلها ... وإن تجتذبها تنازعتك كلابها ومما ورد في ذم التنافس على الدنيا ما يلي: (حديث أبي هريرة ﵁ الثابت في الصحيحين) أن النبي ﷺ قال: اشترى رجل من رجل عقارا له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض، ولم أبتع منك الذهب. وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنحكوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا. وقد تضمن هذا الحديث غرر الفوائد، ودرر الفرائد: ففي هذا الحديث الجليل يخبرنا نبينا ﷺ عن رجلين صالحين من الأمم السابقة اشترى أحدهما من الآخر أرضًا فوجد في هذه الأرض جرّة (إناء كبير من الخزف) مملوءة ذهبًا فلم يقع منهما التنافس للحصول على هذا الذهب والاستئثار به دون الآخر، بل لم يقبل كل واحد منهما أن يأخذ من الذهب شيئًا ويترك لصاحبه الباقي خوفًا من أن يكون حرامًا، والمال الحرام يّذهب البركة ويجلب غضب الربا ويمنع إجابة الدعاء ويؤدي إلى دخول النار ويكون الحساب عليه يوم القيامة بالحسنات والسيئات حيث لا درهم ولا دينار.

1 / 91