Fasl al-Khitab fi al-Zuhd wa al-Raqa'iq wa al-Adab
فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب
ژانرونه
ومن أخص صفات الزهد هو العلم بالتوحيد لأن التوحيد مُقَدَّمٌ على العمل والأصل الذي يترتب عليه غيره إذ لا ينفعُ مع الشركِ عمل، وإذا لم يكن الزاهد على علم بالتوحيد ربما يقع في الشرك وهو لايدري فلا ينفعه الزهد حينئذ.
قال تعالى: (فَاعْلَمْ أَنّهُ لاَ إِلَهَ إِلا اللّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) (محمد / ١٩)
(حديث ا بن عباس في الصحيحين) قال: قال رسول الله ﷺ لمعاذٍ ابن جبل حين بعثه إلى اليمن: إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمسَ صلواتٍ في كل يومٍ وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك
فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتُردُ على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتقِ دعوةَ المظلومِ فإنه ليس بينه وبين الله حجاب.
الشاهد: قوله ﷺ فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لاإله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات، فجعل إخبارهم بالصلاةِ معلقٌ على قبولِ التوحيد فإن لم يقبلوه فلا تخبرهم، وذلك لأن التوحيد مُقَدَّمٌ على العمل والأصلُ الذي يترتب عليه غيره إذ لا ينفع مع الشركِ عمل.
(حديثُ جندب ابن عبد الله صحيح ابن ماجة) قال كنا مع النبي ﷺ ونحن فتيانٌ حزَاوِرَة، فتعلمنا الإيمانَ قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآنَ فازددنا به إيمانا.
معنى حزاوره: جمع حَزْوَر وهو الغلام إذا اشتد وقوى.
[*] قال الشيخ حافظ ابن أحمد الحكمي في سلم الوصول:
أولُ واجبٍِ على العبيدِ ... معرفةُ الرحمنِ بالتوحيدِ
إذ هو من كل الأوامرِ أعظمُ ... وهو نوعان أيا من يفهمُ
1 / 152