ثانيها: ثلاثية، وهي: حَبَبْتُه أحِبُّه من باب ضَرَبَ، والقياس أَحُبُّه بالضم لكنه غير مستعمل. اهـ. قلت: وإنما كان القياس فيه الضم لأنه فعل مضاعف متعدٍّ، وكل ما كان كذلك كان مضارعه بالضم؛ لأنه يكون من باب قتل، وذلك كقولهم: ردّه يردُّه، وعدّه يعدُّه، وضرّه يضُرُّه، وَسَرَّه يَسُرُّه، وهكذا .. فجاء هذا مخالفًا للقياس.
اللغة الثالثة: حَبِبْتُه أَحَبُّه، من باب تَعِبَ.
رابعها: لغة هُذَليَّة، وهي: حَابَبْتُه حِبَابًا، من باب قَاتَل، فهو مَحبُوب وحَبيبٌ والأنثى حَبِيبة، وجَمعُها حبائب، وجمع المذكر أَحِبَّاء.
وكان القياس أن يجمع جمع شُرَفاء، لكنهم كرهوا اجتماع المثلين، وقد قال أعلام اللغة: كل ما كان على فعيل من الصفات، فإن كان غير مضاعف فبابه فُعَلاء كشَرِيف وشُرَفاء، وإن كان مضاعفًا فبابه أفعلاء مثل حَبيب وطَبيب وخَلِيل.
واختُلفَ في حدِّ الحبِّ واشتقاقه وسببه وفي كونه اختياريًّا أو اضطراريًّا.
أما الحدُّ فقال قوم: إنه لا يُحَدُّ، فقد حُكي أنه قيل لامرأة عُذْرية: ما الحب؟ فقالت: والله إنه أجلُّ من أن يُرى، وخفي عن أبصار الورى، فهو كامن كُمُون النار في الحجر؛ إن قدحته ورى وإن تركته توارى. وعلى هذا قول سلطان العشاق سيِّدي عمر بن الفارض في بكر من أبكار
أفكاره (١): [من الطويل]
هو الحُبُّ فاسلمْ بالحَشَا ما الهوى سَهلُ ... فما اختارهُ مُضْنًى به وله عَقلُ
_________
(١) شرح ديوان ابن الفارض للشيخ حسن البوريني ٢/ ٩٠، المطبعة الخيرية ١٣١٠ هـ.
1 / 42